
آلاف الحسابات الوهمية"الجيوش الإلكترونية" في الشرق الأوسط تلاحق المعارضين ونشطاء الديمقراطية
سلاحها الهواتف الذكية وساحة معاركها منصات التواصل الاجتماعي هو الوصف الذي يمكن إطلاقه على الجيوش الإلكترونية في الشرق الأوسط أو "اللجان الإلكترونية" التي باتت بمرور الوقت تشكل خطرا كبيرا قد يصل في بعض الحالات إلى اغتيالات فضلا عن تذكية الاحتقان السياسي والطائفي.
ما هي اللجان الإلكترونية؟
يشاع هذا المصطلح في الشرق الأوسط لكن المفهوم والمقصد بسيط للغاية، إذ انتشرت هذه اللجان في الشرق الأوسط مع اتساع استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.
وفقا لأنصار حرية الإنترنت، فإن اللجان الإلكترونية هي "مجموعة من الأفراد تنتحل هويات مزيفة من أجل المشاركة على منصات التواصل الاجتماعي ومنتديات الإنترنت لإرسال رسالة محددة أو لاستهداف وقمع أشخاص معينين".
ووفقا لمحمود غزيل ،الصحافي اللبناني المتخصص في مكافحة الأخبار المضلّلة عبر الإنترنت، فانه في دول غربية ربما يتم توظيف الحملات الإلكترونية لنشر رسائل سياسية أو الضغط من أجل التغيير. وفي مقابلة مع دويتشه فيله يضيف "لكن في الشرق الأوسط، فإنهم قد يعرضون حياة بعض الأشخاص إلى القتل بسهولة. وللأسف فإن لدينا العديد من الأمثلة في هذا الصدد".
عملاء أجانب في العراق
يشير غزيل إلى عملية الاغتيال التي راحت ضحيتها الناشطة وخبيرة التغذية العراقية ريهام يعقوب (30 عاما) التي قتلت في أغسطس / آب 2020.
ويُفترض أن يكون سبب قتل ريهام مشاركتها في احتجاجات ضد الحكومة إلا أن بن روبن دكروز ، الباحث في جامعة آرهوس في الدنمارك، عمل على التحقيق والبحث بشكل مكثف في تفاصيل واقعة اغتيال الناشطة العراقية.
ويقول دكروز إنه في الوقت التي قتلت فيها ريهام، كانت قد تراجعت منذ وقت طويل عن مشاركتها في التظاهرات، مضيفا أن المقاطع المصورة التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي التي تزعم أنها تقود الاحتجاجات لم تكن لها في حقيقة الأمر وأنها لم يتم تصويرها في البصرة كما تم الترويج له كثيرا.
A #woman activist and #medic , Dr Riham Yaqoob, was shot dead today in #Basra in south #Iraq , where #Iran-backed militias have been targeting protesters and critics. Iraqi activists are living in fear as assassinations are becoming increasingly frequent pic.twitter.com/RUDcX22bFn
— Donatella Rovera (@DRovera) August 19, 2020
وكتب الباحث لمركز دراسات الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد في الشرق الأوسط، إن ريهام كانت ضحية نظرية مؤامرة انتشرت على نطاق واسع حيث تم توجيه اتهامات ضد مجموعة من الشباب العراقي على أنهم "عملاء" للولايات المتحدة وينشطون لتنظيم الاحتجاجات في البصرة.
وفي حقيقة الأمر أن هذه المجموعة الشبابية العراقية قد شاركت في برنامج خاص بالقيادة الشبابية تم تمويله من قبل الولايات المتحدة، لكن تقريرا صحفيا نشرته وكالة "مهر" الإيرانية للأنباء في العاشر من سبتمبر / أيلول 2018، روج لخلاف ذلك.
استهداف النشطاء
ويقول النشطاء في العراق إن أكبر الجيوش الإلكترونية تأثيرا وقوة تلك التي تعمل لحساب بعض ميليشيات الحشد الشعبي حيث ولاء البعض منها إلى إيران، بسبب أن الأخيرة تقدم الدعم العسكري والمالي واللوجستي لهذه الميليشيات.
وحدد تقرير نشرته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، هوية هؤلاء النشطاء العراقيين بشكل واضح وحتى بالكشف عن صورهم بما في ذلك ريهام يعقوب خاصة صورة انتشرت على مواقع التواصل تظهرها مع القنصل الأمريكي السابق في البصرة تيمي ديفيس.
وعلى وقع هذا، فر عدد من هؤلاء النشطاء من البصرة أو من العراق، إلا أن ريهام يعقوب رفضت الهروب وقررت البقاء وفي التاسع عشر من أغسطس / آب 2020 أطلق مسلحان مجهولان يستقلان دراجة نارية النار عليها.
ويشرح محمود غزيل، المتخصص اللبناني في المعلومات المضللة عبر الإنترنت، كيف ساهمت الجيوش الإلكترونية في اغتيال ريهام: "لا تمتلك اللجان الإلكترونية القدرة على إلحاق الضرر جسديا بأي شخص، لكنها يمكنها أن تشوه سمعته وتدمرها، بل يمكنهم تتبع والبحث عن أسماء العائلة والأصدقاء والوظيفة وحتى عنوان السكن".
لكن العراق ليس البلد الوحيد في الشرق الأوسط الذي تنشط فيه الجيوش الإلكترونية.
تخويف المعارضين

تعد القضية الأبرز والأوضح لما قد تسفر عنه حملات التخوين والمضايقة عبر الإنترنت تلك التي تعرض لها الصحافي والمعارض السعودي جمال خاشقجي التي قتل داخل السفارة السعودية في تركيا في 2018.
وقد قام محققون من مجموعة صوفان، -وهي شركة استشارية أمنية مقرها الولايات المتحدة- عام 2020 بتحليل التهديدات التي تلقاها خاشقجي باللغة العربية على منصات التواصل الاجتماعي ليكتشفوا أنها نماذج متشابهة من التحريض والإساءة وكانت السعودية مصدر معظمها.
وظهرت أيضا اللجان الإلكترونية على الساحة خلال الأزمة الخليجية عام 2017 عندما قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر كافة العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع قطر لاتهامات بالتدخل في شؤون تلك الدول، وهو ما نفته الدوحة.
وخلال تلك الأزمة، تزايد دور اللجان الإلكترونية، وفي سبتمبر / أيلول 2019 أعلن تويتر عن حذف 271 حسابا كان يعمل على "استهداف قطر ودول أخرى مثل إيران عبر عمليات معلوماتية متعددة الأوجه.. وتضخيم الرسائل المؤيدة لموقف الحكومة السعودية".
الذئاب الإلكترونية
وفي نفس التوقيت، قام تويتر بحذف أكثر من 4248 حسابا إضافيا ينشط داخل الإمارات يعمل على توجيه دعايات سياسية تخص قطر واليمن. وهذا العام 2021 توالت الأنباء بشأن حذف حسابات على تويتر.
وفي تقرير بشأن ما يطلق عليه "المفترسين الإلكترونيين"، قالت منظمة مراسلون بلا حدود إن الحكومة الجزائرية قامت بدفع أموال إلى "لجان" إلكترونية من أجل تشويه سمعة صحافيين يقومون بتغطية الاحتجاجات المناوئة للحكومة.
وفي السودان، يعتقد كثيرون أن أجهزة الاستخبارات وراء حملات تضليل مماثلة.