سبعة كتاب إندونيسيين جلهم نساء...لا بد من معرفتهم

في روايتها "سامان" كتبت أيو يوتامي بصراحة ووضوح حول الجنس، وحول المقاومة ضدَّ الطبقة الحاكمة. تُمثِّل هذه الرواية بالنسبة للبعض إهانة، وبالنسبة للبعض الآخر عملاً أدبيًا مثيرًا.
في روايتها "سامان" كتبت أيو يوتامي بصراحة ووضوح حول الجنس، وحول المقاومة ضدَّ الطبقة الحاكمة. تُمثِّل هذه الرواية بالنسبة للبعض إهانة، وبالنسبة للبعض الآخر عملاً أدبيًا مثيرًا.

تحل إندونيسيا في خريف عامنا الحالي 2015 ضيف شرف على معرض فرانكفورت الألماني للكتاب. وعلى هامش هذا المعرض يقرأ نحو سبعين كاتبًا إندونيسيًا من نصوص أعمالهم على الجمهور. الصحفية الألمانية مونيكا غريبلر تستعرض لموقع قنطرة سبعة كتاب منهم، معظمهم من الكاتبات النساء.

الكاتبة ، الكاتب: Monika Griebeler

1- أيو يوتامي:

"أنا أعيش بشكل مختلف عما ينتظره المجتمع"، مثلما تقول المؤلفة ونجمة المشهد الأدبي الإندونيسي، أيو يوتامي عن نفسها. وهي تخرق المعايير والتوقُّعات، في حياتها الخاصة وفي كُتبها: في عام 1998 صدرت روايتها الأولى "سامان" - والتي تعتبر من أكثر الكتب مبيعًا في إندونيسيا. وخلال أشهر قليلة تم بيع أكثر من مائة ألف نسخة من هذه الرواية - وهذا في بلد نادرًا ما تطبع فيه حتى أكبر دور النشر أكثر من ثلاثة آلاف نسخة من طبعتها الأولى.

وفي روايتها "سامان" كتبت أيو يوتامي بصراحة ووضوح حول الجنس، وحول المقاومة ضدَّ الطبقة الحاكمة. تُمثِّل هذه الرواية بالنسبة للبعض إهانة، وبالنسبة للبعض الآخر عملاً أدبيًا مثيرًا. وبعد ثلاثة أعوام صدرت تتمَّتُها تحت عنوان "لارونج". وكذلك حقَّق هذا الكتاب نجاحًا. ومنذ ذلك الحين كتبت روايات أخرى وسيناريوهات ومقالات.

ومع ذلك فإنَّ أيو يوتامي تعمل في الواقع - مثل الكثيرين من الكتاب الإندونيسيين الآخرين - كصحفية. غير أنَّها مُنعت من العمل في عهد ديكتاتورية حكومة سوهارتو. وحتى يومنا هذا تناقش في كتبها بشكل مكثَّف تاريخ إندونيسيا السياسي. وتقول في هذا الصدد: "كلُّ شيء في حياتي سياسي: كتابتي وعملي في مركزي الثقافي سالحارا Salihara وكذلك في حياتي الخاصة".

2 - دوروثيا روزا هرلياني:

إنَّ ما تمثِّله أيو يوتامي للنثر تمثِّله دوروثيا روزا هرلياني بالنسبة للشعر: إذ إنَّ قصائدها تتناول موضوعات مثل جسد الأنثى والجنس أو العنف ضدَّ المرأة. أمَّا الرجل فكثيرًا ما يجب عليه في نصوصها أن يخضع لسيطرة النساء. "أعطني كلَّ ما لا يملكه الرجال" هو اسم ديوان شعر لها تم نشره باللغة الألمانية. ولكنها وعلى الرغم من ذلك لا تريد أن تكون نسوية. بل هي معنية بأن تمنح صوتًا للذين لا يتم سماعهم، مثلما تقول.

يوجد في إندونيسيا تقليد طويل من الشعر والعديد من الشعراء المعروفين، ومن بينهم أيضًا الشاعر أجوس سارجونور. الذي ترجم إلى اللغة الإندونيسية أهم قصائد كلّ من برتولت بريشت ويوهان فولفغانغ فون غوته وراينر ماريا ريلكه. ومثلما هي الحال مع الكاتبة دوروثيا روزا هرلياني، تُعنى الشاعرة تويتي هيراتي أيضًا وبشكل عميق وشخصي بدور المرأة. هذه الشاعرة البالغة من العمر واحدًا وثمانين عامًا تعدُّ من الجيل الأوَّل المدافع عن حقوق المرأة في إندونيسيا.

Indonesien, Ehrengast der Frankfurter Buchmesse; Foto: Frankfurter Buchmesse/ A. Heimann
خروج من الظلال إلى النور - حتى الآن لم يكن مؤلفو إندونيسيا معروفين كثيرًا للعالم. ولكن إندونيسيا لديها كضيف شرف في معرض فرانكفورت للكتاب لهذا العام الكثير من الأدب لتقدِّمه. وكُتَّاب إندونيسيا يتناولون العديد من المحرَّمات الاجتماعية ويعالجون ماضي بلدهم بشكل ناقد.

3- لاكسمي بامونتجاك

عندما كانت إندونيسيا تناقش عقوبة الإعدام لتجَّار المخدرات، كان صوتها بارزًا في هذا النقاش: "يجب علينا نحن الإندونيسيين أن نألف الموت كثيرًا من أجل دعمنا لعمليات الإعدام"، مثلما كتبت الكاتبة والشاعرة لاكسمي بامونتجاك في صحيفة "الغارديان". وذلك بسبب البدء بمطاردة الشيوعيين (المفترضين) بعد الانقلاب العسكري بقيادة الجنرال سوهارتو في عام 1965. وبحسب التقديرات فقد تم خلال بضعة أشهر قتل نحو مليون شخص.

ورواية الكاتبة لاكسمي بامونتجاك "كلّ الألوان حمراء" تعالج إرث هذه الفترة. تقول إنَّها لاحظت أثناء الكتابة أنَّ من واجبها أن تؤثِّر من خلال كلماتها على الناس وتدفعهم إلى التفكير بالمجزرة: "أنا لا أعيش على افتراض أنَّ كتابًا يمكن أن يُغيِّر العالم. ولكن من الممكن الوصول إلى بعض الأفراد".

 4- ليلى تشودوري

كذلك تُمثِّل المذابح بحقِّ الشيوعيين موضوعًا من الموضوعات التي تكتب حولها الكاتبة ليلى تشودوري. وإبَّان وقوع هذه المذابح في عام 1965، كانت ليلى تشودوري تبلغ من العمر ثلاثة أعوام فقط. وحتى يومنا هذا لا تزال تجد كصحفية وكاتبة كلمات ناقدة من أجل معالجة هذه الحقبة من تاريخ إندونيسيا. وضمن هذا السياق تقول: "الحكومة لم تقبل في الحقيقة بما حدث. بل لا تزال تنكر الأحداث أو تخفيها".

 وفي روايتها بولانغ "Pulang" - وهي كلمة إندونيسية تعني "العودة إلى الوطن" - تسعى إلى تسليط الضوء على ما حدث وعلى نتائجه حتى يومنا هذا. وبالإضافة إلى ذلك فإنَّ ليلى تشودوري تعمل كصحفية لصالح مجلة "تيمبو" وتكتب كذلك قصصًا قصيرة وسيناريوهات للتلفزيون والسينما.

5- ليندا كريستانتي

 نذكر كذلك امرأة أخرى - شجاعة وجريئة أيضًا: كانت تقوم بأبحاثها في إقليم أتشيه الإندونيسي الذي يسود فيه قانون الشريعة الإسلامية، بعدما لم يكن زملاؤها الرجال يثقون بالعمل هناك. وقد كانت تكتب حول الإسلامويين وضدَّهم، في بلد تتقدَّم فيه الأسلمة خلسة، ولكن كذلك بإصرار.

 وقد نتجت عن ذلك أعمال عديدة من بينها مجموعة مقالاتها التي تحمل عنوان "لا تكتب أنَّنا إرهابيون". ومن أجل هذا الكتاب أجرت ليندا كريستانتي مقابلات مع ممثِّلين عن مختلف الجماعات الدينية والسياسية والاجتماعية - وقد كان كلٌّ منهم يُبرِّر بأسلوبه المناسب أعمال الظلم والتعسُّف.

 6- ديوي ("دي") ليستاري

 صدر كتابها الأوَّل - كهدية بمناسبة عيد ميلادها الخامس والعشرين. وبعد ذلك عرضته للجمهور في مركز للتسوُّق في جاكرتا - وخلال أقل من أربعين يومًا كانت جميع نسخ كتابها هذا البالغ عددها ثلاثة آلاف نسخة قد تم بيعها. واليوم تعتبر سلسلتها الأدبية "سوبر نوفا" واحدة من الكتب الأكثر مبيعًا في إندونيسيا. تتمتَّع كتب ديوي ليستاري بشعبية وخاصة لدى القرَّاء الأصغر سنًا.

 من المفترض أن تضم هذه السلسلة ثمانية أجزاء، صدر منها حتى الآن خمسة. وبالإضافة إلى كتابتها العديد من الروايات والقصص القصيرة، فقد نجحت هذه الكاتبة البالغة من العمر تسعة وثلاثين عامًا كمغنِّية، كما أنَّها تمكَّنت من إصدار ألبوم منفرد وكذلك من تصوير كتبها. وهي وجه معروف في معرض فرانكفورت للكتاب: ففي عام 2014 قبلت هنا في فرانكفورت استضافة إندونيسيا كضيف شرف على المعرض.

Frankfurter Buchmesse 2014; Foto: Frankfurter Buchmesse/ A. Heimann
"لقد قطعنا الطريق من الاستعمار عبر الدكتاتورية وحتى إلى الديمقراطية خلال سبعين عامًا فقط" - ومن المفترض أن يكون معرض فرانكفورت للكتاب "جزءًا من احتفالات بلدنا"، وأن يسمح للزوَّار باكتشاف "الثروة الثقافية في بلادنا"، مثلما يؤكد سلامت راهاردجو، وهو مخرج وممثِّل ومدير البرنامج الثقافي الإندونيسي في معرض فرانكفورت للكتاب.

7- أندريا هيراتا

 الكاتب الرجل الأوَّل في هذه المجموعة هو أندريا هيراتا. ورواياتاه المكتوبتان بأسلوب السيرة الذاتية، "قوَّات قوس قزح" و"الحالم"، تعتبران من الكتب الناجحة عالميًا. وهما حكايتان إندونيسيتان، على الأقل من حيث حبكة قصتيهما: شاب من أسرة فقيرة يتمكَّن من الوصول إلى الجامعة، وذلك بفضل مثابرته - وبفضل القليل من الحظّ. قد تبدو هذه القصة بالنسبة لبعض النقَّاد غير مهمة وسطحية للغاية - بيد أنَّها تثير إعجاب القرَّاء.

 ست نساء ورجل واحد. وجميعهم تقريبًا صحفيون. وهذا أمر مألوف بالنسبة للمشهد الأدبي الإندونيسي الحديث - إذا تركنا مؤلفي الروايات "الإسلامية" ذات الصبغة الدينية الإسلامية خارج سياق هذا المشهد الأدبي. ولكن مع ذلك لقد كان يوجد في السابق أيضًا كُتَّاب ناقدون في إندونيسيا مثل الكُتَّاب المذكورين آنفًا. ومن بين هؤلاء الكتَّاب القدماء هناك ثلاثة لهم أهمية خاصة. غير أنَّ هؤلاء الكتَّاب الثلاثة قد توفوا:

8- برامويديا أنانتا توير (1925-2006)

لو كان قد تم على الإطلاق منح جائزة نوبل للأدب إلى أديب إندونيسي، فربما كان سيحصل عليها هو بالذات: فقد تم ترشيح برامويديا أنانتا توير عدة مرات لهذه الجائزة، غير أنَّه لم يفز بها قطّ. ولكن مع ذلك لقد انتشرت أعماله في جميع أنحاء العالم، وقد تمت ترجمتها إلى سبع وثلاثين لغة.

ومع ذلك لم تكن أموره تسير بسهولة بتاتًا، وقد كانت حياته صراعًا مستمرًا: فقد تم سجنه من قبل المحتلين الهولنديين بسبب "تفكيره المناهض للاستعمار"، وتم اعتقاله من قبل الرئيس أحمد سوكارنو بسبب كتاب، ومن قبل سوهارتو في عام 1965 بسبب مقربته من الحزب الشيوعي تم - في البداية - سجنه من دون محاكمة ومن ثم تم نفيه إلى جزيرة السجن بورو ذات السمعة السيئة.

 وهنا في منفاه على هذه الجزيرة نشأت كتبه الرئيسية: "رباعية بورو" و"حديقة البشرية" و"طفل جميع الشعوب" و"أثر الخطى" و"بيت من زجاج". وفي هذه الكتب الأربعة يدور الحديث بصورة جوهرية حول أحد النبلاء الجاويين وصحفي يكافح ضدَّ المستعمرين الهولنديين. وكذلك لقد كافح هو أيضًا ومن دون انقطاع ضدَّ سلطة الدولة - بعمله ونتاجه، مثلما قال برامويديا أنانتا توير قبل وفاته بفترة قصيرة: "كنت أنظر إلى ذلك كنوع من الرياضة، وأمَّا هم فلم يستطيعوا إخضاعي".

 9- مختار لوبيس (1922-2004)

 في عام 1963 كان كتابه "الشفق في جاكرتا" أوَّل رواية من إندونيسيا تمت ترجمتها إلى اللغة الإنكليزية. ولكن مع ذلك لم يتم نشر هذا الكتاب في وطنه إندونيسيا إلاَّ في وقت لاحق، بعدما تم نقله إلى العديد من اللغات الأخرى. واليوم يعتبر كتابه هذا واحدًا من أعظم الأعمال الأدببية الإندونيسية. وكذلك تعكس سيرةُ حياة مختار لوبيس نماذجَ من سير حياة الكُتَّاب الإندونيسيين: فقد كان صحافيًا وتم حبسه عدة مرَّات وعلى الرغم من ذلك واصل كفاحه من أجل قناعاته - كمؤلف.

 10- ويليبروردوس سليمان ريندرا (1935-2009)

لقد كان ويليبروردوس سليمان ريندرا الكاتب المتعدِّد المواهب في المشهد الإبداعي الإندونيسي: فهو شاعر ومقدِّم إداء وكاتب ومسرحي وممثِّل، بالإضافة إلى أنَّه مخرج. كما أنَّه كان يُعِدُّ أعماله بشكل ناقد اجتماعيًا، معتمدًا على العصور اليونانية القديمة وشكسبير وعلى الكاتب الألماني برتولد بريشت. وكثيرًا ما كان يتم حظر كتبه واعتبارها مثيرة كثيرًا للجدل وناقدة جدًا. ولكن عندما كان يتم عرض أعمال ويليبروردوس سليمان ريندرا، كان المشاهدون يأتون بالآلاف. ومنح المسرح الإندونيسي زخمًا جديدًا. وبالإضافة إلى ذلك فقد مكث بعض الوقت بسبب حماسته في السجن.

وعلى الرغم من ذلك فقد جعلته مسرحياته وأشعاره مشهورًا عالميًا: ومثلما هي الحال مع برامويديا أنانتا توير كان أيضًا اسم ويليبروردوس سليمان ريندرا مدرجًا ولعدة مرَّات على قائمة المرشَّحين لجائزة نوبل للآداب. وكذلك قام بجولة حول العالم، والتقى بكبار الأدباء من بلدان أخرى مثل الكاتب الألماني غونتر غراس. ولكن مكان إقامته كان في الفترة الأخيرة محليًا تمامًا: في مزرعة تقع جنوب جاكرتا. وهنا خلق مسرحه الجماعي "بينغكيل"، الذي لا يزال حتى يومنا هذا يلهم العديد من الممثِّلين والفنَّانين الإندونيسيين.

 

 

مونيكا غريبلر

ترجمة: رائد الباش

حقوق النشر: موقع قنطرة 2015 ar.qantara.de