
اعتراف نظام سوريا بموت معتقلين في سجون الأسد الذي شابه أباه فظلمناجٍ من الموت يكشف التعذيب في سجون سوريا الأسد
عندما يخيم الظلام، يبدأ باستعادة ذكرياته المؤلمة والوضع بالسجن في الليل، كيف كان السجان يبدأ بضرب الباب الحديدي بهراوة، وكيف كان يتقاسم الزنزانة مع 30 معتقلا آخرين. وزعوا بطانية لكل معتقل. مصدر الضوء الوحيد -والوسيلة الوحيدة لمعرفة الوقت ما إذا كان ليلا أم نهارا- كان ثقبا وحيدا صغيرا في جدار الزنزانة.
كان يسلي نفسه في السجن بتذكر المساءات مع أصدقائه واللحظات المبهجة وحفلات الشواء، ولحظة ولادة ابنه البكر ياسين. كان يذهب في نزهة عبر شوارع حيّه في حمص، بابا عمرو، يسير تارة في البساتين ويتذوق المشمش. خلال نوبات الهذيان كان يأمل أن يكون واقعه في المعتقل مجرد حلم سيء، وعندما يستيقظ أن نفسه في منزله.
كانت ذكرياته غير كافية للتغلب على ألم وجحيم المعتقل، والبطانية التي حصل عليها، كانت قصيرة لا تكفي لتغطية قدميه أيضا.
شعر بعودة الألم، كانت جروحه طازجة جراء التعذيب الذي تعرض له قبل ساعات قليلة، بينما تنز الجروح القديمة قيحا، وأشد مخاوفه كانت عائلته، هل يسيئون معاملة زوجته وأمه كما هددوه مراراً؟ حتى بعد أن وقّع على اعترافات لم يقرأها؟ كان يتساءل هل دفنت عائلته تحت أنقاضِ منزل ما؟ كان يبكي واضعا راحتيه على وجهه لإخفاء صوته، فقد يتعرض للعقاب فيما لو سمع السجانون صوتا حتى ولو كان همسا.
مزيد خالد الطهاد، المعتقل رقم 72، عانى لأكثر من 365 ليلة من العذاب

يبدأ اليوم مع صراخ وشتائم السجان الذي يدخل الزنزانة ويطلب من المعتقلين أن يقفوا مقابل الحائط ويغطوا وجوههم بقمصانهم، فلا يرون سوى بعض الظلال على الأرض. يصرخ السجان "تكلموا أيها الأوغاد! من هو رئيس سوريا، من هو إلهكم؟"، يرد عليه المعتقلون بصوت عال "بشار الأسد سيدي، الله يطول بعمرو..يعيش رئيسنا".
كان السجانون يرمون بالخبز على الأرض وعلى المساجين الاستدارة والقرفصاء لالتقاط الخبز، رغيفٌ واحدٌ لكل ثلاثة أشخاص وبعض الملاعق من اللبن، يقول المعتقل رقم 72.
كانت هناك حياة روتينية في زنزانات التعذيب الأكثر سوءا في سجون الأسد، فالضرب المبرح يترافق مع وجبات الطعام وكان يتم عصب العينين، وتعليق المعتقل من المعصمين لساعات، أو طي جسم المعتقل وتمريره ضمن إطار ومن ثم جلده، كانت هذه أكثر أساليب التعذيب شيوعا.