"إسرائيل بلدي والفلسطينيون شعبي"

عيساوي فريج، عمره 57 عاما، يشغل منصب وزير التعاون الإقليمي في عهد رئيس الوزراء نفتالي بينيت - يونيو / حزيران 2021 في إسرائيل.
عيساوي فريج، عمره 57 عاما، يشغل منصب وزير التعاون الإقليمي في عهد رئيس الوزراء نفتالي بينيت - يونيو / حزيران 2021 في إسرائيل.

عيساوي فْرِيج أول وزير من أصل عربي في حكومة إسرائيلية -وزير التعاون الإقليمي بحكومة رئيس الوزراء نفتالي بينيت- يشرح ما يمكن فعله في ائتلاف حكومي إسرائيلي مكون من أضداد متناقضين. حاوره ماركوس بيكِل.

الكاتبة ، الكاتب: Markus Bickel

الحكومة الدورية الإسرائيلية 2021 برئاسة رئيسي الوزراء بالتناوب نفتالي بينيت ويائير لابيد (الذي من المقرَّر أن يترأسها ابتداءً من شهر آب/أغسطس 2023) هي حكومة ائتلافية لا يوجد لها مثيل في تاريخ إسرائيل مكوَّنة من ثمانية أحزاب - من اليسار الليبرالي إلى القومي اليميني ومن الصهيوني إلى العربي. تتمتَّع هذه الحكومة بأغلبية صوت واحد فقط داخل الكنيست، وقد توحَّدت في البداية فقط من خلال إرادة عزل بنيامين نتنياهو، الذي شغل منصب رئيس الوزراء لفترة طويلة عن حزب الليكود.

وانُتخبت هذه السلطة التنفيذية في منتصف شهر حزيران/يونيو 2021 ولا تزال حتى الآن صامدة أمام ضغوطات خصومها وقد تجنَّبت المحنة الكبرى. وحتى الآن لا يزال شعار رئيس الوزراء نفتالي بينيت - وهو: "يجب أن نتغلب على سياسات الكراهية والانقسام داخل الأمة" - يُثبت أنَّه أساس عمل مقبول بالنسبة لجميع الوزراء السبعة والعشرين.

وأيضًا بالنسبة لوزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي عيساوي فريج من حزب ميرِتْس، والذي يريد أيضًا أن يستأنف يومًا ما المفاوضات مع السلطة الفلسطينية. يمكن للتجارة والمساعدات الاقتصادية أن تكون بالنسبة للضفة الغربية وسيلة من أجل خلق القبول الضروري لمثل هذا الطلب في رام الله.

 

********************************************

 

السيد عيساوي فريج، هل أنت فخور بكونك أوَّل وزير عربي في تاريخ إسرائيل؟

عيساوي فريج: يمكنك طرح هذا السؤال عليَّ في نهاية فترة وزارتي، وليس الآن. فأنا أتمنى أن يتم تقييمي بناءً على إنجازاتي، أمَّا الآن - بعد أكثر بقليل من مائة يوم في حكومة رئيس الوزراء نفتالي بينيت الجديدة - فلا يزال الوقت مبكِّرًا من أجل ذلك. ما يعنيني هو هدف إحراز تقدُّم لمواطني إسرائيل الفلسطينيين - وفتح الأبواب للجيل القادم. وإذا استطعت تحقيق ذلك، فربمَّا يكون هناك شيء أستطيع الافتخار به في يوم ما.

 

لقد ضمنت الأحزابُ العربية في التسعينيات الأغلبية في الكنيست لإسحاق رابين من دون أن تكون هي نفسها جزءًا من حكومته. واليوم يتحالف حزب الحركة الإسلامية "راعم" بكلِّ صراحة مع رئيس حكومة إسرائيلية يميني مثل نفتالي بينيت، وأنت جزء من حكومته. فما الذي تغيَّر خلال الثلاثين عامًا الماضية؟

عيساوي فريج: إسرائيل بلدي والفلسطينيون شعبي. ولكن الأرض تأتي أوَّلًا - وبالمناسبة هذا الرأي يشاركني فيه تسعون بالمائة من العرب في إسرائيل. إذ لا يمكن أن يكون المرء جزءًا من هذا المجتمع ويهاجمه دائمًا بالحجارة والشتائم. ولا يمكن أن يكون المرء جزءًا من هذه الدولة ويقول إنَّه يكرهها. ولا يمكن أن نكره شيئًا ما ونريد في الوقت نفسه الانتماء إليه، حتى وإن كنتُ أعرف أنَّ المواطنين العرب في إسرائيل غير متساوين في الحقوق مع المواطنين اليهود. ولذلك سأستمر في بذل كلِّ شيء لتغيير هذا الوضع.

 

وهل هذا ممكن مع هذه الحكومة؟

عيساوي فريج: لن أتخلى عن كفاحي من أجل المساواة. اُنظر، إنَّ كلَّ مواطن إسرائيلي من التسعة ملايين إسرائيلي لديه هويَّتان - واحدة قومية والأخرى مدنية. قد تكون هوية جاري القومية يهودية وهويتي القومية عربية. وفي هذا نختلف عن بعضنا، ولكن هويَّتنا المدنية هي نفسها: وهي إسرائيلية وتوحِّدنا سويةً، على الرغم من أية ادِّعاءات ومزاعم مختلفة تم ادِّعاؤها خلال السبعين عامًا الماضية من أجل تفريقنا. أنا أؤمن بذلك وأعمل من أجل ذلك بصفتي عضوًا في الكنيست وبصفتي وزيرًا.

 

رأيك هذا يسري على الفلسطينيين في إسرائيل. غير أنَّ الائتلاف الحكومي بقيادة نفتالي بينيت ورئيس الوزراء المناوب يائير لابيد يرفض المفاوضات مع القيادة الفلسطينية في الأراضي المحتلة. لماذا؟

عيساوي فريج: يجب علينا العمل خطوة خطوة من أجل بناء الثقة بين الطرفين. منذ عام 2008 لم تعد تُعقد أية اجتماعات على أعلى المستويات، العسكريون فقط تحدَّثوا مباشرة مع بعضهم بشأن القضايا الملحة. وفي عهد الحكومة الجديدة تغيَّر ذلك: فقد التقى وزير الدفاع بيني غانتس برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في شهر آب/أغسطس 2021. والتقيتُ أنا أيضًا بنظيري من رام الله. وكذلك حدث لقاء بين وزيرَيْ الصحة. وهذا يُبشِّر بالتغيير.

 

التشكيل الوزاري في إسرائيل  - الحكومة الائتلافية 2021 في إسرائيل. Infografik; Koalitionsregierung Israel 2021. (Foto: DW)
تشكيل وزاري هشّ في إسرائيل: تتكوَّن الحكومة الائتلافية الجديدة 2021 في إسرائيل من عدة أحزاب يمينية متطرِّفة ومحافظة بقيادة حلفاء نتنياهو السابقين وأحزاب يسار الوسط مثل حزب يش عتيد وحزب العمل وحزب ميرِتْس اليساري وحزب كاحول لافان (وسط) وحزب الحركة الإسلامية "راعم" الذي يمثِّل جزءًا من مواطني إسرائيل الفلسطينيين. ومهندس تحالف الأحزاب الواسع هذا هو وزير الخارجية يائير لابيد، وهو رئيس حزب يش عتيد، ثاني أكبر حزب في الائتلاف.

 

أنت لا تعتقد في الحقيقة أنَّ هذا النزاع يمكن حلُّه حلًا دائمًا من دون استئناف المفاوضات السياسية ...

عيساوي فريج: ... مع ذلك يجب عليك هنا التمييز بين رأيي الشخصي وموقف حزبي وسياسة الحكومة. رأيي واضح، وهو: نحن نعمل من أجل حلّ الدولتين. وهذا هو رأي حزب ميرتس أيضًا ولن يتغيَّر. وفي الوقت نفسه، نحن جزء من حكومة لا تريد تنفيذ ذلك، لأنَّ اتفاق الائتلاف ينصُّ على عدم طرح النقاط الخلافية ونقاشها - مثل بناء المستوطنات المستمر واستئناف العملية السياسية. ولكننا مع ذلك سنواصل الحديث حول هذا الموضوع، لأنَّ مفاوضات السلام هي جزء من جدول أعمالنا.

 

هل يجب إجراء مفاوضات مع حماس أيضًا؟

عيساوي فريج: نعم، أنا مقتنع بأنَّنا يجب علينا الحديث حتى مع حماس. ولكن يجب علينا هنا أن نأخذ بعين الاعتبار أنَّنا إذا حاولنا الآن تسريع العملية السياسية، فلن تكون لدينا حكومة بعد فترة قصيرة.

 

كيف تريد إذًا تحقيق تحسينات على الجانب الفلسطيني خلال فترة وزارتك؟

عيساوي فريج: قبل تفرُّغي للعمل في السياسة، كنت أعمل في مجال الاقتصاد، ولهذا السبب فأنا مقتنع بأنَّ الناس يجب أن يشعروا بتحسُّن وضعهم الاقتصادي. ولهذا السبب فقد أصدرنا منذ تولي حكومتنا سلطتها خمسةَ عشر ألف تصريح عمل جديد للفلسطينيين العاملين في إسرائيل. ومع ذلك، لا يزال يوجد حتى الآن خمسون ألف عامل يعملون من دون أوراق رسمية ويحصلون على رواتبهم نقدًا. يجب تغيير ذلك. وإذا استطعنا إقناع أرباب العمل الإسرائيليين بتحويل هذه الأموال إلى البنوك الفلسطينية في المستقبل، فسيؤدي ذلك أيضًا إلى تنشيط الدورة الاقتصادية هناك. وأنا آمل في أن نتمكَّن من تحقيق ذلك حتى نهاية العام 2021.

 

هل تعتقد أنَّ مثل هذه الخطوات الصغيرة كافية؟ فالاقتصاد الفلسطيني في الحضيض، ولا توجد أسباب كثيرة تدعو للأمل - ليس في قطاع غزة وحده، بل وحتى في الضفة الغربية!

عيساوي فريج: نحن نعمل لهذا السبب بالذات على تبسيط نقل البضائع عبر الخطّ الأخضر. وحاليًا لا يُسمح بدخول البضائع وخروجها إلَّا عبر أربعة جواجز من الحواجز الرئيسية الموجودة بين الضفة الغربية وإسرائيل. وهدفنا هو أن نفتح على الأقل ستة حواجز من أجل دعم التجارة. وبالإضافة إلى ذلك فقد تعهدنا في شهر آب/أغسطس (2021) بتقديم قرض للسلطة الفلسطينية قيمته خمسمائة مليون شيكل. الناس في أمسّ الحاجة لهذه الأموال، ولكنهم يحتاجون أيضًا الدعم من الدول المانحة لإعطائهم بعض الأمل. يجب القيام بذلك بسرعة لأنَّ الوضع خطير للغاية.

 

السؤال مرة أخرى: هل مثل هذه الخطوات كافية حقًا؟

عيساوي فريج: مثلما قلتُ: حكومة نفتالي بينيت هذه تراهن على دفع التغيير إلى الأمام على المستويين الاقتصادي والمدني - بشكل تدريجي. وهذا بهدف إيجاد أساس للمفاوضات، ولكن من أجل ذلك يحتاج الأمر إلى أرضية صلبة - غير موجودة حاليًا.

 

نفتالي بينيت ويائير لابيد يتناوبان على رئاسة الوزراء في الحكومة الائتلافية التي تشكلت عام 2021 في إسرائيل. Israels Premierminister Naftali Bennett mit Außenminister Jair Lapid. (Foto: Ronen Zvulun/Pool Photo/AP/picture alliance)
نهاية عهد نتنياهو: لأوَّل مرة منذ اثني عشر عامًا تشكَّلت في إسرائيل حكومة لا يترأسها بنيامين نتنياهو. يتمتَّع الائتلاف الحكومي الجديد المكوَّن من ثمانية أحزاب بأغلبية ضئيلة في البرلمان. رغم الانقسامات الأيديولوجية، فقد اتَّفق الائتلاف الواسع بقيادة رئيس الوزراء نفتالي بينيت على الميزانية في الرابع من تشرين الأوَّل/نوفمبر 2021. وهكذا فقد تم في هذا الوقت تجنُّب إجراء انتخابات جديدة. وتم تقرير أن يتناوب نفتالي بينيت ويائير لابيد على رئاسة الوزراء.

 

هل تعتقد أنَّ حلَّ الدولتين لا يزال واقعيًا على الإطلاق أم أنَّ هناك حاجة لنماذج أخرى مثل اتِّحاد فيدرالي بحقوق متساوية لجميع المواطنين بصرف النظر عن مكان إقامتهم - سواء كانوا يعيشون في الضفة الغربية أو في إسرائيل أو في قطاع غزة؟

عيساوي فريج: عندما يجتمع جميع المعنيين على طاولة واحدة، يمكن حينها الحديث حول كلِّ شيء. ولكن المطلوب في النهاية هو الاتفاق. عندما نكون أقوياء، يمكننا حينها التوصُّل إلى مثل هذا الاتفاق على أساس الإنسانية.

 

لننتقل إلى موضوع آخر: بعد مرور عام على إقامة إسرائيل علاقات دبلوماسية مع الإمارات العربية المتَّحدة ودولة البحرين، بات من الواضح أنَّ النشوة التي تم ربطها بما يعرف باسم "الاتفاقيات الإبراهيمية" قد تبخَّرت!

عيساوي فريج: لقد تبادلنا السفراء مع كلّ من الإمارات والبحرين، وأملنا أن يفتتح المغرب قريبًا ممثِّليته الدبلوماسية في إسرائيل. معًا نفكِّر في كيفية تعزيز الاستثمارات وتوفير السلام للناس. ولكن حتى علاقتنا مع مصر والأردن - والتي كانت مؤخرًا متوتِّرة إلى حدّ ما - تحسَّنت أيضًا منذ تولي الحكومة الجديدة سلطتها.

 

هل تتوقَّع أن تقوم قريبًا دول عربية أخرى بعقد اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل؟

عيساوي فريج: أوَّلًا وقبل كلِّ شيء، سيتم قريبًا عقد لقاء مشترك في الإمارات العربية المتَّحدة يضم وزراء من جميع الدول العربية الست التي تقيم علاقات مع إسرائيل. بعيدًا عن الكاميرات ليتعرَّفوا على بعضهم شخصيًا. وهذه خطوة جيِّدة وأنا متفائل بأنَّها خطوة ستتبعها خطوات أخرى.

 

 

حاوره: ماركوس بيكل

ترجمة: رائد الباش

حقوق النشر: صحيفة دير فرايتاغ / موقع قنطرة 2021

ar.Qantara.de

 

 

نُشر هذا الحوار لأوَّل مرة في صحيفة دير فرايتاغ الأسبوعية الألمانية.

 

عيساوي فريج، سياسي من مدينة كفر قاسم العربية الإسرائيلية، عمره سبعة وخمسون عامًا، يشغل منذ شهر حزيران/يونيو 2021 منصب وزير التعاون الإقليمي في حكومة رئيس الوزراء نفتالي بينيت. دخل الكنيست أوَّل مرة في عام 2013 كنائب عن حزب ميرتس الليبرالي اليساري. درس الاقتصاد والمحاسبة في الجامعة العبرية في القدس.