"توضيح اختلاف داعش عن الإسلام لا يكفي"

قُبَيل منتصف أغسطس 2016 قُتل إمام مسجد ومساعده بالرصاص أثناء عودتهما مشياً إلى منزلهما بعد صلاة الظهر عند مسجد بمنطقة كوينز بمدينة نيويورك في جريمة كراهية إرهابية. وقبل ذلك بأسابيع في 26 / 07 / 2016 ببلدة سانت أتيان دو روفري قُرب مدينة روان الفرنسية، قُتل القس البالغ من العمر 86 عامًا، جاك هامل، ذبحاً أثناء الصلاة على يد إرهابيين من تنطيم "الدولة الإسلامية". الكاتب المغربي الطاهر بن جلون كتب رده التالي تلقائياً في ذات اليوم.

الكاتبة ، الكاتب: Tahar Ben Jelloun

أنا غاضب. وأعتقد أنَّنا جميعنا غاضبون لروية أنَّ بعض الأفراد كادوا يشعلون حربًا دينية جديدة في فرنسا وفي أوروبا. ونحن نعلم كم من الوقت سوف تستمر مثل هذه الحرب وكيف يمكن أن تنتهي: نهاية سيئة، وسيئة للغاية.

 إنَّ الدخول إلى كنيسة ما - إلى بيت من بيوت الله، إلى مكان للسلام والأُخوّة، من أجل ارتكاب مثل هذه الجريمة البشعة، من أجل ذبح كاهن، رجل عجوز، وقطع رقبته وترك شخص ثانٍ شبه ميَّت - لا يعني شيئًا آخر سوى فتح جميع الأبواب  للحرب. وهذا ليس أقل من إعلان حرب على الديانة المسيحية - في الوقت الذي كان يدعو فيه البابا الشباب في مدينة كراكوف البولندية بروح السلام والروحانية الأساسية.

 وهؤلاء الأفراد وهبوا حياتهم إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" من خلال ارتكابهم واحدة من أبشع الجرائم. وتنظيم "الدولة الإسلامية" أصبح آلةً للتدمير والقتل، تسيطر على الحاضر والمستقبل. لقد قيل كلُّ شيء تقريبًا حول هذا المصنع المنتج للكراهية والجريمة. ولكن مع ذلك لا تزال هناك مناطق رمادية، آمل أن يتم قريبًا تسليط الضوء عليها. فعندئذ سوف نعرف مَنْ يقف خلف كلِّ ذلك ومَنْ يموِّل مثل هذا الجيش القاتل: أية دول وأية مصالح وأية مآمرات ...

 الخوف يأتي بعد الغضب

 ولكن في الوقت الراهن يأتي الخوف بعد الغضب. نحن جميعنا خائفون. أنا أفكِّر بالمسلمين الستة ملايين، الذين يعيشون بسلام في فرنسا وسوف يُطلبون عاجلاً أم آجلاً للمحاسبة عن هذه الجريمة الفظيعة. فعندما سيُهَاجم غدًا شخصٌ ما مسجدًا، عندما تُقرِّر غدًا جمعية ما للدفاع عن الغرب الانتقام من الضحايا وتبدأ الضرب بصورة عمياء، فمن الممكن عندئذ أن يقول المرء إنَّ تنظيم "الدولة الإسلامية" قد نجح في إشعال حرب دينية.

 لقد حان الوقت للردّ، ولكن ليس بطريقة فاترة، وليس في شكل احتجاج ساخط. لقد حان الوقت ليخرج جميع مسلمي فرنسا إلى الشوارع، سواء كانوا متديِّنين ملتزمين أم لا وبصرف النظر عن توجُّهاتهم السياسية، لكن يجب عليهم الخروج بشكل جماعي إلى الشوارع والوقوف ضدَّ هذه الحرب، التي يريد من خلالها تنظيم "الدولة الإسلامية" تجاوز كلِّ شيء. يجب الخروج في مسيرة صامتة كبيرة ومُعبِّرة، يمكن للجميع الانضمام إليها - من أجل الوقوف ضدَّ هذا الرعب، ومن أجل مواجهته والتنديد به بشكل علني. لقد حان كذلك الوقت ليفتح الجميع عيونهم ويُبَلِّغون بالفعل عن أي مشتبه به. وبعض المشتبهين معروفين جيدًا، وبعضهم الآخر يختبئون.

Tatort des Grauens: die katholische Kirche in Saint-Etienne-du-Rouvray; Foto: picture-alliance/dpa
Dem Krieg sämtliche Schleusen öffnen: Vergangenen Dienstag hatten zwei Männer die katholische Kirche im nordfranzösischen Saint-Etienne-du-Rouvray gestürmt und fünf Menschen, die dort eine Messe feierten, als Geiseln genommen. Sie schnitten dem 85-jährigen Jacques Hamel die Kehle durch. Eine weitere Geisel wurde lebensgefährlich verletzt. Als die Angreifer die Kirche verließen, wurden sie von der Polizei erschossen. Die Terrormiliz "Islamischer Staat" (IS) reklamierte die Tat für sich.

فهذا يتعلق بحرِّيتنا جميعنا، ويتعلق بحياتنا وبحياة أطفالنا. دعونا نضع حدًا للتساهل، وذلك لأنَّنا نتعامل مع أشخاص على استعداد لفعل أي شيء، ولا يتوقَّفون عند أي شيء وحياتهم لا تساوي بالنسبة لهم أي شيء، لأنَّهم قرَّروا تقديمها إلى آلة الموت، التي تخوض حربًا طويلة الأمد، لا تزال نهايتها بعيدة جدًا.

 إذ إنَّ الشر عميق، وهناك الكثيرون جدًا ممن يقومون بتزييت تروس آلة القتل، وذلك إمَّا عن طريق المال، أو من خلال التضحية بحياتهم الخاصة. ربما يكون من المناسب أن تقوم وكالات الاستخبارات لدينا بنشر كلِّ ما تعرفه عن هؤلاء الأشخاص.

 وذلك لأنَّ هذه المعركة لا يمكن أن يخوضها طرف واحد بمفرده. ولذلك يتعيَّن على جميع الدول المعنية أن تحشد جهودها من أجل وضع حدّ لهذه الحرب.

 كما أنَّ من واجب المسلمين خلق الاحترام الضروري للإسلام والقرآن، وإلاَّ فمن الممكن أن يصبحوا هم بالذات من هؤلاء القتلة. لا يكفي أن نقول فقط: "لكن الإسلام مختلفٌ تمامًا". بل يجب علينا أيضًا أن نُظهر ذلك: وتحديدًا من خلال الحملات والنشاطات والتعبئة العالمية.

 

 

الطاهر بن جلون

ترجمة: رائد الباش

حقوق النشر: موقع قنطرة 2016

 ar.Qantara.de

 

بالإمكان العثور على النسخة الأصلية من هذه المادة في مدوَّنة الموقع المغربي الإخباري "Le360".

marokkanischenNewsletters le360.ma