خمسة ملايين طفل في اليمن يواجهون خطر المجاعة - "انهيار الاقتصاد قد يقتل أكثر من العنف والمعارك"

يواجه خمسة ملايين طفل يمني خطر المجاعة، بحسب ما حذّرت الأربعاء 19 / 09 / 2018 منظّمة "أنقذوا الأطفال" (سايف ذي تشيلدرن) الإنسانية، في وقت تتواصل المعارك وترتفع أسعار المواد الغذائية والمحروقات.

وقالت المنظمة البريطانيّة في تقرير إنّ الهجوم الذي تشنه القوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات على الحُديدة شمال غرب صنعاء سيزيد عدد الأطفال المهدّدين بالمجاعة في اليمن إلى 5,2 مليون طفل. 

وحذرت من "مجاعة على نطاق غير مسبوق" في بلد يشهد، بحسب الأمم المتحدة، أسوأ أزمة إنسانية في العالم. ويشهد اليمن منذ 2014 نزاعا داميا قتل فيه نحو عشرة آلاف شخص معظمهم من المدنيين وبينهم نحو 2200 طفل، بين قوات موالية لحكومة معترف بها دوليا يدعمها تحالف عسكري بقيادة السعودية، والمتمردين الحوثيين المتهمين بتلقي الدعم من إيران، والذين يسيطرون على صنعاء والحديدة ومناطق أخرى.

وشاهد مصور وكالة فرانس برس في مستشفى في منطقة عبس في محافظة حجة في شمال غرب اليمن الواقعة تحت سيطرة الحوثيين أطفالا يمنيين يعانون من سوء التغذية. وقام أطباء وممرضون بقياس وزن وطول الأطفال في المستشفى. بينما استلقى أطفال آخرون على الأسرة من دون قدرة كبيرة على الحركة. 

وبدا الأطفال هزيلين ومتعبين وشاحبين للغاية مع بروز عظامهم من أجسادهم. وقالت هيلي ثورننغ شميدت، المديرة التنفيذية لمنظمة "أنقذوا الأطفال" (سايف ذي تشيلدرن) غير الحكومية، في تقرير المنظمة إن "ملايين الأطفال لا يعرفون متى ستأتي وجبتهم التالية أو ما إذا كانت ستأتي أصلاً".

وأضافت: "في مستشفى قمتُ بزيارته في شمال اليمن، كان الأطفال ضعفاء لدرجة أنهم لم يقووا على البكاء وأجسادهم كانت نحيلة جدا بسبب الجوع". وحذّرت من أن "هذه الحرب تهدّد بقتل جيل بأكمله من الأطفال اليمنيين الذين يواجهون أخطارا متعددة من القنابل الى الجوع إلى أمراض يمكن الوقاية منها مثل الكوليرا".

وحذر مدير برنامج الأغذية العالمي ديفيد بيسلي الأربعاء من أن "الوقت بدأ ينفد" لمنع وقوع "مجاعة مدمرة" في اليمن. وأضاف بيسلي: "لا يمكننا تحمل أي تعطيل" لتوزيع المساعدات الإنسانية على "الضحايا الأبرياء للنزاع".

وتقول الأمم المتحدة إن ثلاثة من بين كل أربعة من سكان اليمن البالغ عددهم 27 مليون نسمة بحاجة لمساعدة غذائية، بينما يواجه حوالى ثمانية ملايين شخص خطر المجاعة، في وقت تهدد موجة جديدة من الكوليرا البلاد التي تفتقد لقطاع صحي فعّال بسبب الحرب.

وقال وزير الخارجية البريطاني السابق ديفيد ميليباند الأربعاء بعد أن أنهى زيارة إلى اليمن إن "الوضع الإنساني هش للغاية". وصرح ميليباند وهو المدير التنفيذي لـ"لجنة الإنقاذ الدولية" (آي آر سي)، لوكالة فرانس برس "تقييمي في ثلاثة أيام في اليمن هو أن المُلِحّ على المستوى الإنساني لا يتطلب ضمان تدفق أفضل للبضائع ووصولا أفضل لعمال الإغاثة فحسب، بل يتطلب أيضا وقفا لإطلاق النار للسماح لعملية السلام بالمضي قدما".

وبحسب الأمم المتحدة، ارتفعت أسعار المواد الغذائية في اليمن بنسبة 68 بالمئة منذ 2015، العام الذي بدأ فيه التحالف العسكري بقيادة السعودية عملياته ضد المتمردين الحوثيين الشيعة. وتدخُل عبر ميناء الحُديدة المطل على البحر الأحمر غالبية المواد التجارية والمساعدات الموجّهة الى ملايين السكان في المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين الحوثيين وفي مناطق أخرى.

لكن التحالف العسكري يرى في الميناء ممرا لتهريب الأسلحة للمتمردين ومنطلقا لشن هجمات ضد سفن في البحر الأحمر. وكانت القوات الحكومية أطلقت بدعم من التحالف في 13 حزيران/يونيو 2018 حملة عسكرية على الساحل الغربي بهدف السيطرة على ميناء الحديدة، قبل أن تعلن عن توقف الحملة إفساحا في المجال أمام المشاورات السياسية.

وأعلن مسؤولون في التحالف يوم الإثنين استئناف العملية الهادفة الى السيطرة على مدينة الحديدة ومينائها الاستراتيجي بعد قطع طريق رئيسي يربط الحديدة بصنعاء ومدن أخرى. وحذّرت شميدت من أن "أيّ اضطراب في إمدادات الغذاء والوقود التي تمرّ عبر الحُديدة يمكن أن يسبّب مجاعة على نطاق غير مسبوق".

وتواصلت الأربعاء الاشتباكات المتقطعة في محيط مدينة الحديدة، رغم تراجع وتيرتها بشكل كبير. وقال مسؤول في القوات الحكومية لوكالة فرانس برس إن الهجوم باتجاه المدينة "تباطأ"، مشيرا إلى أن المتمردين الحوثيين "يشنون هجمات في مناطق أخرى في محافظة الحديدة في محاولة لفتح جبهات بديلة".

وتابع أن قوّاته تمكّنت الثلاثاء من صد هجمات في مديريتي التحيتا وحيس الواقعتين جنوبي مدينة الحديدة. وبحسب المصدر ذاته، فإن منسقة الشؤون الإنسانية للأمم في اليمن المتحدة ليزا غراندي تزور مدينة الحديدة حاليا، ما "أدى إلى تراجع المواجهات عند أطراف المدينة بشكل كبير والى عدم شن التحالف غارات جوية جديدة منذ أمس الثلاثاء".

ووصل مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث الى السعودية الأربعاء بعد ثلاثة أيام أمضاها في اليمن في محاولة لاعادة إحياء الآمال بعقد جولة محادثات سلام بين المتمردين الحوثيين والحكومة اليمنية. وفي صنعاء، بدت آثار الحرب في الحديدة واضحة في طرق المدينة التي تعاني من أزمة في الوقود والغاز المنزلي.

ويقضي مئات اليمنيين ساعات أمام محطات الوقود ضمن صفوف طويلة من السيارات والشاحنات والدراجات النارية، بينما يسير آخرون في الشوارع وهم ينقلون قوارير غاز من مكان الى آخر. وخسر الريال اليمني أكثر من ثلثي قيمته مقابل الدولار منذ 2015.

وأعلن المصرف المركزي في مدينة عدن الجنوبية الثلاثاء رفع سعر الفائدة على الودائع إلى مستوى قياسي بلغ 27%، في محاولة للحفاظ على سعر العملة المتدهور والذي أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية.

وترى منظمة "المجلس النروجي للاجئين" أن خطر الانهيار الاقتصادي قد يفوق خطر الحرب المباشرة. وكتبت المنظمة في تقرير في أيلول/سبتمبر 2018 أن "الانهيار الاقتصادي يمكن أن يقتل أكثر من العنف".  أ ف ب