سلطنة عمان في عهد السلطان قابوس بن سعيد
انفتاح حكومي عُماني على الشعب والإصلاح والحداثة

نادرا ما يفلح حاكم في الاستفراد بالسلطة ويبقى محبوبا لدى شعبه. لكن السلطان قابوس نجح في الجمع بين التقاليد والعولمة. ففي الربيع العربي خرج عمانيون للاحتجاج ضد الفساد وللمطالبة بمزيد من الرفاهية والحرية السياسية. وبسرعة: خلق السلطان وظائف جديدة، وزاد الحد الأدنى للأجور، وأجرى إصلاحات حكومية، ومنح البرلمان صلاحيات تشريعية. الباحثة إنغريد تورنَر تسلط الضوء لموقع قنطرة على سلطان عُمان وعلى هذه السلطنة.
بما أنَّ ثقافة الإعلام السائدة ترى أنَّ الأخبار السيِّئة فقط هي الوحيدة الجديرة بالنشر، فإنَّ كلَّ ما نقرأه ونسمعه فيما يتعلق بالدول الناطقة باللغة العربية والدول الإسلامية مجرَّد صراعات وحروب وعنف واضطهاد. من النادر وصول التطوُّرات السارة إلى الرأي العام الإعلامي، وهذا يجعل الرأي المعاكس صحيحًا من دون ريب: فالبلد، الذي لا تتم تغطيته إعلاميًا، على الأرجح أن يكون بلدًا أحواله جيِّدة. ومن أمثلة ذلك سلطنة عمان.
 
في سلطنة عمان تمكَّن العمانيون وخلال عقود قليلة من تحويل مجتمعهم القبلي الرجعي والمنعزل عن بقية العالم إلى دولة ناجحة ومزدهرة. ولفترة طويلة من الزمن كان يبدو أنَّ القرن العشرين قد تم احتجازه أمام بوابات العاصمة مسقط المغلقة بمعنى الكلمة. حتى عام 1970 كانت أجهزة الراديو والنظارات الشمسية والدراجات الهوائية ممنوعة في عمان، ولم تكن توجد أية مستشفيات، بل مجرَّد مدارس قرآنية وسبعة كيلومترات فقط من الطرق المعبَّدة بالأسفلت.
 
 

Sultan Qabus im Jahr 2010; Foto: Getty Images
حاكم يُطلق عليه من قِبَل شعبه بكلّ احترام اسم "جلالتنا": قد يكون السلطان قابوس حاكمًا مطلقًا وقابضًا على السلطة بحكم الفرد سياسيًا، بالإضافة إلى أنَّه رئيسُ الدولة ورئيس الحكومة والقائد العام للقوَّات المسلحة. بيد أنَّه مع ذلك لا يستخدم الثروة النفطية لنفسه ولأسرته وحاشيته فقط، بل يسمح لجميع سكَّان بلاده بمن فيهم العمال الأجانب بالمشاركة في ثروة البلاد.
هذا التطوُّر السريع لا يعود فقط إلى اكتشاف النفط والغاز في المناطق الداخلية من عمان، بل إلى شخص السلطان قابوس، الذي كان يعمل بإصرار وانفتاح على إنشاء المشروع تلو الآخر ويعرف كيف يجمع بين التقليد والإسلام والحداثة في تعايش سعيد - يقوم على أساس الربط الناجح بين الهياكل الحكومية والقبلية.
 
بحسب المعايير الغربية يجب أن تنطبق عليه كلمة "الديكتاتور" القبيحة، ولكن المعايير الغربية غير قادرة دائمًا على وصف الهياكل السياسية والاجتماعية بالشكل المناسب. قد يكون السلطان قابوس حاكمًا مطلقًا وقابضًا على السلطة بحكم الفرد سياسيًا، بالإضافة إلى أنَّه رئيسُ الدولة ورئيس الحكومة والقائد العام للقوَّات المسلحة، بيد أنَّه مع ذلك لا يستخدم الثروة النفطية لنفسه فقط ولأسرته وحاشيته، بل يسمح لجميع سكَّان بلاده بمن فيهم العمال الأجانب بالمشاركة في ثروة البلاد.
 
ينصّ دستور عام 1996 العماني على حظر التمييز على أساس الجنس أو الأصل أو اللون أو اللغة أو الدين أو مكان الإقامة أو الانتماء الاجتماعي، بالإضافة إلى حماية حياة الأجانب وممتلكاتهم. وبالتالي فحتى العمال الأجانب يشعرون هناك بالراحة؛ ويتَّفقون على أنَّ حالهم في السلطنة أفضل من الإمارات أو المملكة العربية السعودية، بالرغم من أنَّهم يعرفون أن الهدف السياسي هو "العومنة أو التعمين" [استبدال العمالة الوافدة بعمالة عمانية] وأنَّ عليهم المغادرة عندما لا تعود هناك حاجة إلى يدهم العاملة.
اقرأ أيضًا: مقالات مختارة من موقع قنطرة