صدر حديثاً: "تاريخ المسلمين في إفريقية"

أصدرت دار الكتب في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة كتاباً جديداً بعنوان "تاريخ المسلمين في إفريقية" من تأليف تقي الدين الدوري وخولة شاكر الدجيلي.

يحتوي الكتاب على مقدمة وثلاثة أبواب رئيسية ويتبع كل باب فصول فرعية متعددة، وقد تناولت هذه الدراسة المنطقة الساحلية الممتدة بين خط عرض 12 شمالاً تقريباً وخط عرض 25,8  جنوباً، وهي التي تشمل منطقة شرق إفريقية، بحيث تضم بحسب المصطلح العصري كلاً من الصومال، كينيا، تنزانيا، وموزنبيق، مع أهم الجزر الساحلية التي كانت مراكز إسلامية وتجارية فائقة الأهمية.

 كما أنّ الفترة الزمنية التي يشملها البحث تمتد حتى نهاية القرن التاسع الهجري (الخامس عشر ميلادي)، وقد إضطررنا إلى توسيع فترة البحث الزمنية بسبب أنّ معالم الحضارة العربية الإسلامية واكتمال انتشار الإسلام كانا عملية طويلة الأمد استغرقت طوال هذه المدة، ذلك أنّ القرون الأولى للهجرة لم تكن كافية لقيام مدن مستقرة وحضارة راسخة. ومع ذلك فإنّ موضوع الدراسة في هذا الكتاب لا يتعلق بالمدى الزمني بقدر ما يتعلق بالتوصل إلى رسم الصورة الشاملة والنهائية لما أسفرت عنه مجهودات العرب الحضارية في الساحل، والتي بلغت أقصى مداها في القرن التاسع هجري/ 15 ميلادي، ومع ذلك قدمت هذه الدراسة المعلومات المتعلقة بالقرون الأولى، لأنها ضرورية لمعرفة الخلفية التي بني عليها صرح الحضارة العربية الإسلامية في القرون التالية.

 لقد عرف العرب الساحل الإفريقي الشرقي منذ قرون عديد سبقت الميلاد بسبب مهارتهم في الملاحة البحرية، حيث اتصلوا بأهله، وعرفوا لغتهم، وأقاموا مراكز تجارية في الساحل لتسهيل معاملاتهم التجارية، وكان لحسن معاملتهم للسكان المحليين الأثر الفعال في تمتين علاقتهم معهم.

 وبظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي وما صاحبه من حركة فتوحات واسعة تعرفت الشعوب الإفريقية على تعاليم الإسلام الهادفة ومبادئه العالية. وكان لمكانتهم الإجتاعية المرموقة وصدقهم وإخلاصهم الأثر الكبير في تقبل السكان الأصليين للإسلام. وشيئاً فشيئاً ازداد اهتمام مدن الساحل بالتجارة، فسيطرت على الطرق التجارية البحرية المعروفة آنذاك، واحتكرت تجارة المواد الثمينة التي تطلبها دول العالم المتمدن، مثل الذهب والعاج والحيد، وغيرها، فزادت غنى، وزاد الإسلام رسوخاً بين أهلها، وبدأت رقعتها بالإتساع تدريجياً نحو الداخل.

 وقد أخذ طابع هجرة العرب المسلمين إلى إفريقية شكل الإستقرار الدائمي، ومن ثم تحولت مراكزهم التجارية الموقتة إلى مراكز دائمة مستقرة، لعبت دورها في نشر الإسلام وأسس الحضارة العربية الإسلامية بين السكان المحليين الذين تقبلوها قبولاً حسناً، مما زاد الإسلام رسوخاً بين أهلها.

 إن أثر الحضارة العربية الإسلامية في الساحل الإفريقي الشرقي، له الأثر الكبير فخصائص الإسلام الفريدة مكـنته من البقاء والإنتشار في مختلف المجتمعات التي حل فيها، حيث أسهم بشكل كبير في تطوير حضارتها. إلا أن خصائص هذه المجتمعات أثرت بدورها على الحضارة العربية الإسلامية، مما أدى إلى ظهور مزيج فريد، يدل على مدى المرونة التي تمتع بها الإسلام، وهي التي مكـنته من معالجة الإختلافات في البيئات المحلية التي انتشر فيها. (هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة)