علاقة الاحتجاجات بوضع الشباب الاقتصادي والسياسي في العالم العربي
بذور الربيع العربي القادم

في العالم العربي 100 مليون شاب. ويجب خلق أكثر من 60 مليون فرصة عمل جديدة هناك لإيقاف بطالة الشباب. في العديد من البلدان العربية لا يزال الشباب العرب يشعرون بأنهم مهمَلون اقتصاديا ومهمشون سياسيا. ولذلك قد تثير التغيرات الديموغرافية في المنطقة الأزمة المقبلة، مثلما يبين "تقرير التنمية البشرية العربية" الصادر عن الأمم المتحدة. كريم شهيب في تحليل لوضع الشباب الاقتصادي والسياسي في العالم العربي.

صدر العام الماضي 2016 "تقرير التنمية البشرية العربية" الحديث AHDR، وهو تقرير برنامج الأمم المتَّحدة الإنمائي UNDP حول الوضع في الدول العربية. وهذا التقرير يُركِّز بشكل رئيسي على الشباب في العالم العربي، حيث تشكِّل الفئة العمرية بين خمسة عشرة عامًا وتسعة وعشرين عامًا أهمية كبيرة، كما أنَّها تزداد باستمرار من حيث العدد.

وهذا التقرير هو أوَّل تقرير من نوعه، تم إعداده بعد الربيع العربي الذي كان عامي 2010 و2011. ويُبيِّن مدى زيادة الوعي السياسي لدى الشباب بشكل واضح - وكذلك مدى إقبال الشباب على المطالبة بحقوقهم المدنية والإنسانية. ولكن مع ذلك يُظهر التقرير أيضًا أنَّ الوضع الاقتصادي والأمني ​​للشباب خاصة لا يزال يُمثِّل تحدِّيات كبيرة. فمن ناحية يزداد باستمرار الوعي السياسي لدى المواطنين، ومن ناحية أخرى لا يزال تخطيط الحكومات الاقتصادي ضعيف، بحيث أنَّ المشكلات القائمة تتفاقم أكثر وتستمر لفترة أطول.

آفة البطالة

وفي عام 2014 بلغ معدَّل البطالة بنحو ثلاثين في المائة أعلى مستوياته بين الشباب العرب المتراوحة أعمارهم بين خمسة عشرة عامًا وأربعة وعشرين عامًا. وبهذا فقد وصلت إلى ضعفي معدَّلها العالمي. ومن المتوقَّع أن تتَّسع هذه الفجوة أكثر بحلول العام 2019. وبحسب التوقُّعات فإنَّ نسبة البطالة تنخفض باستمرار في معدَّلها ​​العالمي، بينما تزداد نسبتها أكثر في العالم العربي.

ونظرًا إلى حقيقة أنَّ النمو السكُّاني في المنطقة العربية هو الأعلى في العالم، فيجب في الواقع أن يتم بحلول عام 2020 خلق أكثر من ستين مليون فرصة عمل جديدة هناك - وذلك فقط من أجل إيقاف بطالة الشباب عند مستواها الحالي.

ولكن ما هي أسباب ارتفاع معدَّلات البطالة في المنطقة العربية؟ تقرير التنمية البشرية العربية يحمِّل المسؤولية عن ذلك لأداء الحكومات السيِّء وللسياسة - وخاصة للتدابير، التي من المفترض أن "توفِّق بين النمو السكَّاني واحتياجات السوق". فمع وجود عدد محدود فقط من الوظائف للسكَّان المتزايدة أعدادهم، لا يتم في أغلب الأحيان منح هذه الوظائف للأشخاص الأكثر قدرة، بل للذين يمتلكون أفضل العلاقات.

ولذلك فلا عجب من أنَّ 75.77 في المائة من الشباب العرب قد ذكروا في استطلاع للرأي أنَّ البطالة والاقتصاد يمثِّلان بالنسبة لهم الأولوية القصوى. وفي المقابل ذكر فقط 2.99 في المائة من الشباب المستطلعة آراؤهم أنَّ الأمن الوطني والاستقرار يمثِّلان بالنسبة لهم الأولوية القصوى.

الشباب العرب يريدون المزيد من المشاركة السياسية

Arabische Diktatoren: Tunesiens Ben Ali, Ägyptens Mubarak, Jemens Saleh und Libyens Gaddafi; Foto: dpa/picture-alliance
نهاية الطغاة وعودتهم: بعد سقوط الطغاة العرب في كلّ من تونس وليبيا ومصر واليمن استعادت الأنظمة الدكتاتورية سيطرتها بعد الربيع العربي على العديد من الدول العربية. وكذلك باتت دول أخرى تشهد مرحلة انتقالية - مثل سوريا واليمن وليبيا - مهدَّدة بالانزلاق داخل صراعات عسكرية تستمر عقودًا من الزمن. والشباب خاصة يعانون أشدّ معاناة في الدول التي تعاني من الأزمات في المغرب والمشرق.

وهذا لا يدعو للمفاجأة نظرًا إلى الاحتجاجات التي بدأت منذ عام 2009 في العالم العربي وباتت تُعرف باسم الربيع العربي والصحوة العربية. وفي الواقع يعطينا التقرير انطباعًا بأنَّ جيل الشباب في المنطقة العربية يشهد تحسُّنًا دائمًا في مستوى التعليم وزيادة نشاطه السياسي، وفي الوقت نفسه يزداد لديه الوعي بالمشكلات التي يواجهها والظلم الذي يتعرَّض له.

في عام 2013 شارك أكثر من ثمانية عشر في المائة من الشباب العرب في احتجاجات داخل العالم العربي - وهذا يمثِّل تقريبًا ضعف متوسَّط عدد الشباب في الدول ذات الدخل المتوسَّط. وعلى العكس تمامًا من ذلك جاءت نسبة مشاركة الشباب العرب في الانتخابات. فقد احتلت بنسبة 68.4 في المائة فقط المرتبة الأخيرة عالميًا، في حين بلغت هذه النسبة ​​87.4 في المائة في البلدان ذات الدخل المتوسِّط.

وعلى الرغم من أنَّ الشباب في العالم العربي متلهفون إلى المشاركة السياسية، وعلى الرغم من عدم وجود عقبات رسمية إلى درجة معينة تعيق مشاركتهم السياسية (باستثناء في ثمانية بلدان عربية)، فإنَّ الشباب يبقون مستبعدين من العملية السياسية. فعلى سبيل المثال يبلغ متوسَّط عمر أعضاء مجالس الوزراء في المنطقة العربية ثمانية وخمسين عامًا.

اقرأ أيضًا: مقالات مختارة من موقع قنطرة