فيلم "كيليكيس.. دوار البوم" المغربي - معتقل "تازمامارات" الرهيب
المغرب: هذا الفيلم جزء من المصالحة وطي سنوات الرصاص المؤلمة

"دوار البوم" ليس أوّل فيلم يدور حول "سنوات الرصاص" المغربية، لكنه جزء من مسلسل معالجة الماضي والمصالحة. لا نحتاج إلى جهد كبير لربط الفيلم بمعتقل "تازمامارات" الرهيب الذي سُجن فيه عشرات العسكريين والمدنيين إبّان حُكم الملك الراحل الحسن الثاني لاتهامات بالمشاركة في محاولتي الانقلاب العسكري عامي 1971 و 1972 أو لأسباب سياسية، قبل أن يُغلق هذا المعتقل عام 1991 بلا رجعة. إسماعيل عزام والتفاصيل.

لم تكن تلك الليلة كباقي ليالي قرية معزولة بإحدى مناطق المغرب النائية. أصواتُ جنود ترتفع، منسجمة مع أصوات أحذيتهم العسكرية وهي تضرب الأرض بإيقاع واحد. سلسلة بشرية من أشخاص معصوبي الأعين يتقدمون نحو بناية تضم زنزانات تلفّها العتمة. آهات حزينة تختبئُ وراء مَشاهد قاتمة، لولا بعض المصابيح التقليدية، ما ظهر منها شيء. ثم يأتي صوت الآذان ليُعلن نهاية الليل وبداية أحداث فيلم "كيليكيس.. دوار البوم"، للمخرج عز العرب العلوي. (كيليكيس تعود إلى كود كان يستخدمه السجناء بينهم والدوار في اللهجة المغربية تعني القرية).

يُمثل السجن العسكري مركزاً للأحداث في هذا العمل السينمائي، وتتمحور القصة حول جنود يحرسون أشخاصاً قُدموا على أنهم "أعداء للوطن والدين"، لكن الحقيقة ليست بكل هذا التبسيط. يستيقظ ضمير أحد الحراس ذات يوم، بعدما ضاق ذرعا بجبنه. يحاول أن يقوم بشيء شجاع في حياته حتى ولو أدى إلى وفاته. بيدَ أن ضريبة التمرّد كانت غالية، ليس فقط بالنسبة إليه، بل لمن رفضوا الانصياع إلى الرواية الرسمية.

ينتهي الفيلم دون أن نعرف مصير من تمرّد ومصير من أطاع، لكن عبارة الشاعر التشيلي نيرودا: "يستطيعون قطف الزهور، لكنهم أبداً لا يستطيعون وقف زحف الربيع"، والتي تأتي مباشرة بعد انسلال ضوء الصباح للزنازين البائسة، في أعقاب ليلة تعرّض فيها السجان لانكسار نفسي بسبب وفاة أنثى كلب كان يربيها، وبسبب خروج ملفٍ بالغ الأهمية من السجن؛ تُعطي أملاً جديدا للمُشاهد، الذي غرق لأزيد أو لأكثر من ساعة ونصف في جرعات من الحزن والألم.

فيلم يفتح جراح "تازمامارت"

ملصق دعائي فيلم "كيليكيس.. دوار البوم" المغربي - معتقل "تازمامارات" الرهيب
الفيلم حول مُعتقل قد يكون في المغرب وقد يكون في بلد آخر: فيلم "كيليكيس.. دوار البوم" سينمائي مغربي يعيد معتقل "تازمامارت" مجدداً إلى الواجهة بعد عقدين من إغلاقه، يفوز بجائزة مهرجان جزائري. لكن "الفيلم حول مُعتقل قد يكون في المغرب وقد يكون في بلد آخر، بما أن الظلم لا مكان محدد له".

فاز الفيلم يوم الثلاثاء 31 يوليو/تموز 2018، بجائزة أفضل إخراج، في مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي. في أوّل مشاركة لهذا العمل خارج المغرب، منذ عرضه في المهرجان الوطني للفيلم المغربي بمدينة طنجة. شارك في بطولة الفيلم مجموعة من الأسماء المعروفة لدى المُشاهد المغربي كأمين الناجي ومحمد الرزين وحسن بديدا وفاطمة هراندي.

لا يشير فيلم "كيليكيس.. دوار البوم" في أيّ من مشاهده إلى زمان أو مكان الأحداث، باستثناء توطئة يذكرها المخرج عز العرب العلوي، تتحدث عن "منطقة صحراوية قست عليها الطبيعة والإنسان"، وعن أن الزمن يعود إلى تاريخ كان فيه المخرج بسن الثامنة. لا يحتاج المُشاهد لجهد كبير حتى يربط بين التوطئة وبين المعتقل الرهيب "تازمامارات"، الذي سُجن فيه العشرات من العسكريين والمدنيين، إبّان حُكم الملك الراحل الحسن الثاني، لاتهامات بالمشاركة في محاولتي الانقلاب العسكري عامي1971 و 1972 أو لأسباب سياسية، قبل أن يُغلق هذا المعتقل بلا رجعةٍ في خريف عام 1991. (فيديو إعلاني عن الفيلم في التغريدة أسفله).

اقرأ أيضًا: مقالات مختارة من موقع قنطرة