رياضة غزية...مغامرة بحث عن الحرية

قد يصعب الجمع بين الاستمتاع برياضة ركوب الأمواج والوضع في منطقة تتسم بالأزمات والحروب كما في الشرق الأوسط. الصحافي يواخيم كورتن حاور المخرج غناد وزميله يامين حول فيلمهما "نادي ركوب الأمواج في غزة"، الذي يقربنا من منظور آخر مخالفا لتصوراتنا غير الواضحة عن قطاع غزة.

الكاتبة ، الكاتب: Jochen Kürten

كيف جاءت فكرة إخراج فيلم عن قطاع غزة ورياضة ركوب الأمواج في محيط محلي هناك؟

فيليب غناد: أنا أيضا لا أمارس رياضة ركوب الأمواج. قد أكون حاولت ذلك مرة فقط، ولكني أستطيع أن أُقيم مدى صعوبة التزحلق على الأمواج. لقد انطلق اهتمامي بهذا الموضوع من موضوع المنطقة نفسها وخاصة من خلال صديق تعرفت عليه في شتوتغارت، حيث إنه ولد وترعرع  في غزة.

لقد تحدث لي عن غزة من منظور آخر خلافا لتصوراتنا غير الواضحة عن القطاع، حيث الحروب والبيوت المدمرة والمقاتلين الملثمين. كما تحدث أيضا عن منظور آخر اكتشفت من خلاله كيف يمكن الحياة بين فترات الحروب. أخذ هذا الموضوع مساحة من اهتمامي فبدأت في المطالعة والبحث فيه.

ومتى حدث التحول؟

لقد قرأت مقالة صغيرة عن ركوب الأمواج في غزة فقلت لنفسي: إنه شيء جديد في غزة، كما إنّ صديقي حسام لم يكن يعلم بوجود رياضة ركوب الأمواج في غزة، وهي كما نعلم رياضة تعبر عن الشعور بالحرية الشخصية خاصة في منطقة معزولة عن العالم. لذلك تكونت لدي فكرة واضحة بهذا الشأن فقلت لنفسي: يجب القيام بشيء ما في هذا الإطار، ثم إني بدأت في البحث واتصلت بأصدقاء.

المخرج فيليب غناد ومساعده يامين ميكي
المخرج غناد وزميله يامين: فيلم "نادي ركوب الأمواج في غزة" يقربنا من منظور آخر يخالف التصورات السائدة عن الحياة في قطاع غزة.

كانت عدم معرفتي باللغة العربية مشكلة كبيرة. ومن خلال بحثي عن مساعد للتعرف على اللغة العربية وثقافتها تعرفت على ميكي الذي ترعرع في القاهرة، حيث أعجبته الفكرة التي بدأنا بتطويرها.

ماذا أثار انتباهك بشكل قوي؟

ما أثار إعجابي  بشكل عام هو تلك النظرة التفاؤلية لدى الناس هناك، لدى راكبي الأمواج ولدى الناس العاديين. بالنسبة لميكي فهو ترعرع هناك وتربطه علاقات بالمواطنين هناك وعقليتهم. أما بالنسبة لي فكان كل شيء غريباً. وسريعا ما حصل ارتياح لدي بعد عبور الحدود، حيث كانت لدي تخوفات وتصورات أخرى ولكن عند الوصول يتملكك شعور بأنك شخص مرحب به.

كنا طبعا غرباء. كنا نجري على الشاطئ وكان فضول الأطفال كبيرا لمعرفة ما نفعل. رافقنا ذلك على مدى الأسابيع الستة التي قضيناها هناك. وارتبطت تلك المواقف حسب أعمار الناس: فكلما كانوا متقدمين في السن اختلف منظورهم للأمور. فهم يقولون: ماذا يمكن تغييره الآن وأنا في الخمسين أو الستين أو السبعين من العمر؟. أما بالنسبة للشباب فمازال لديهم آمال، يبنون عليها. ولكن بشكل عام هناك شعور أساسي بالتفاؤل، لم أكن أنتظره من قبل.

هل كان من الممكن الحديث في السياسة بحرية؟ وكيف هو مناخ الحوار؟

فيليب غناد: حاولنا في حديثنا عدم التركيز على السياسة، حيث كنا نود إظهار عنصر آخر لغزة . ولكن عندما نتكلم مع الناس يدخل من حين لآخر الموضوع السياسي في النقاش، حيث يتحدثون عن سياسة الحصار الإسرائيلية والتي تقلص من حرية حركة المواطنين فيصبحون وكأنهم سجناء. ومن جانب آخر هناك حكومة حماس التي يعانون منها وهناك مواضيع لا يتم الحديث عنها، خاصة إذا كانت عدسات الكاميرا مفتوحة... ولكن بصفة عامة تحدثنا عن مختلف المواضيع والأوضاع وبذلك تمكنا من التعرف على ما خلف الواجهة، خاصة وأن أجوبة راكبي الأمواج معروفة ويعيدونها للعديد من الصحفيين هناك.

السياسة تلعب طبعا دورا مهما هناك، كما هو الشأن في العديد من البلدان العربية حيث يصعب الحديث عنها بسبب عدم إمكانية التأثير فيها. الوضع في أوروبا يختلف. فلكل مواطن صوت يمكن عبره التأثير في شيء ما. أما في غزة فحماس هي التي تحكم. والعديد من الناس الذين التقينا بهم ليسوا من أنصار حماس. عند تصوير الفيلم كان هناك رجل متقدم في السن غاضب، بدأ بالتفوه بكلمات شاتمة لحماس ولاحظنا على وجوه الحاضرين مدى الخوف من أن يظهر ذلك في الفيلم. وقيل لنا أنه من الأحسن  إبعاد ذلك المشهد من الفيلم لأسباب أمنية.

لقطة كم فيلم فيلم "نادي ركوب الأمواج في غزة"
تفاؤل رغم صعوبات الحياة والحصار والكبت: "بالنسبة للشباب فمازال لديهم آمال، يبنون عليها. ولكن بشكل عام هناك شعور أساسي بالتفاؤل، لم أكن أنتظره من قبل"، يقول مخرج الفيلم.

في أحد مشاهد الفيلم ظهرت أيضا فتاة تمارس ركوب الأمواج. هل هذا المشهد واجهة أخرى للنادي؟

علمنا من خلال انشغالنا بهذا الموضوع بوجود فتيات يردن تعلم ركوب الأمواج. في البداية لم يكن بإمكاننا  الدخول في تواصل مباشر معهن. ولكن من خلال شتيفاني وهي المساعدة في الإخراج تمكنا من بناء ثقة مع المعنيين من خلال الحديث مع فتاة ووالدها والدخول إلى بيتهم وبالتالي تصويرها خلال ركوب الأمواج.

هل كانت هناك مشاكل سياسة عرقلت عملية الإخراج؟

ميكي يامين: عندما بدأنا في التخطيط للفيلم  كانت هناك من حين لآخر حرب دائرة في غزة. وقد وجب علينا وقف الإنتاج ولم نبدأ بالتصوير إلا بعد أشهر قليلة من نهاية الحرب.

فيليب غناد: طبعا من الصعب السفر إلى ذلك البلد وقد وجب علينا التحضير والبحث لتحديد كيفية الدخول الى قطاع غزة. ميكي الذي ترعرع في مصر اقترح الدخول عبر رفح . وكان الأمر كذلك عام 2013 ولكن بعد اسبوعين أو ثلاثة أسابيع حدثت الاضطرابات السياسية في مصر وبعدها تغيرت العلاقات بين مصر و حماس فتم إغلاق الحدود وتفجير الأنفاق التي يستخدمها المهربون ومعها أصبح من الصعب عبور الحدود عدا لأسباب إنسانية من حين لآخر.

وقد حاولنا تجنب السفر عبر إسرائيل لأننا تخوفنا من أن تكون لإسرائيل نظرة  مخالفة عن الفيلم  فيصبح بالتالي غير مرحب به. وفي نهاية الأمر كانت المتاعب البيروقراطية هي الأصعب، حيث وجب علينا السفر نهاية الأمر بعد مرور عام عبر  معبر إيريز من إسرائيل إلى غزة.

 

(*) يمكن مشاهدة الفيلم الوثائقي  "ركوب الأمواج في غزة" ابتداءا من 30 مارس في قاعات سينمائية في ألمانيا. 

يواخيم كورتن/ ع.ع

حقوق النشر. دويتشه فيله 2017