مستقبل شمال سوريا - الأكراد وحلم الحكم الذاتي
توطيد سدة حكم الأسد بتأييد كردي في سوريا؟

إيديولوجية يسارية بمثابة رافد رئيسي للفئة الكردية السورية. وأعلام كردية وصور لزعيم حزب العمال الكردستاني أوجلان منتشرة في منطقة الإدارة الكردية "روج آفا"، وهي نحو 27 في المئة من الأراضي الشمالية السورية. نيفيل تيلر يرى أن وجود عدو مشترك -هو إردوغان- ومناقب متقاربة بين النظام السوري والأكراد المسيطرين في الشمال السوري قد يؤدي إلى توطيد حكم الأسد بتأييد كردي.

تأسس مجلس سوريا الديمقراطية في عام 2015، ويعتبر بمثابة الجناح السياسي لقوات سوريا الديمقراطية الكردية، التي تسيطر على الشمال الشرقي لسوريا، كما وقاتلت القوات الكردية الجيش السوري في بضع مناسبات خلال  7 سنوات من الحرب الأهلية. لكن من الواضح أن مجلس سوريا الديمقراطية بدأ يبحث عن علاقات أفضل مع نظام الأسد.  ففي 27 تموز / يوليو 2018  استجاب مجلس سوريا الديمقراطية لدعوة من قبل الحكومة السورية، وبناءً عليها ذهب وفد عن المجلس إلى دمشق لإجراء محادثات مباشرة، وهي تعد أول زيارة رسمية إلى الحكومة السورية.

ولهذا التحول في الاتجاه السياسي لمجلس سوريا الديمقراطية يوجد العديد من العلامات، فقبل بضعة أسابيع كان قد أعلن مجلس سوريا الديمقراطية عن جهود حثيثة من أجل التوصل إلى حل "ديمقراطي" للأزمة في سوريا، معربا عن نيته فتح مكتب له في دمشق. وقبل يوم من سفر الوفد إلى العاصمة السورية، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية عن استعدادها للانضمام إلى أي عملية عسكرية تقوم بها القوات الحكومية في محافظة إدلب الشمالية بهدف استعادة المنطقة الكردية في عفرين. مع العلم أنه قد تم السيطرة على مدينة عفرين من قبل القوات المدعومة من تركيا في شهر آذار / مارس 2018 ، كجزء من حملة من قبل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لمنع الأكراد من السيطرة على الحدود البرية الجنوبية لتركيا.

ويأتي هذا التحول السياسي في ظل ما تعانيه منطقة شمال شرق سوريا من آثار الجهود التركية الحالية لزعزعة استقرار المنطقة، فضلا عن عواقب الاحتلال السابق للدولة الإسلامية (داعش)، إلا أنها تقع تحت الإدارة الكردية، كما تغطي منطقة شمال شرق سوريا المعروفة باسم "روج آفا" نحو 27 في المئة من أراضي سوريا السيادية. لذلك هناك مبرر سياسي عملي لكل من الأسد و مجلس سوريا الديمقراطية للبحث عن تسوية.

وزير الخارجية السوري وليد المعلم يتحدث خلال مؤتمر صحفي يوم 12 مارس / آذار 2016 في دمشق - سوريا.  (photo: Getty Images/AFP/L. Beshara)
تسوية بين نظام الأسد والأكراد: في حين أن الحكومة السورية لم تعترف رسميًا بقوات سوريا الديمقراطية أو حتى بصلاحية انتخاباتها، كما أدرك الأسد بوضوح المزايا التي يمكن أن يكتسبها من تلك التسوية مع الأكراد. وفي تصريح لوزير الخارجية السوري، وليد المعلم، في أيلول/ سبتمبر 2017 قال إن بلاده منفتحة لفكرة منح سلطات أكبر للأكراد في سوريا. وأضاف المعلم، "إنهم (الأكراد) يريدون شكلا من أشكال الحكم الذاتي في إطار حدود الدولة"، معتبرا أن "هذا قابل للتفاوض ويمكن أن يكون موضوعا للحوار". وأشار وزير الخارجية السوري -ربما بموافقة روسيا- إلى أن المحادثات قد تبدأ بمجرد انتهاء الصراع الأهلي. ومن الممكن أن يكون بدء العملية مع زيارة وفد سوريا الديمقراطية إلى دمشق.

الحكم الذاتي الكردي - مقايضة 

أكسبت الانتفاضة الداخلية ضد نظام الأسد في عام 2011 فرصة للأكراد. فعندما اندلعت الحرب الأهلية داخل سوريا انبثقت صراعات انفصالية. ففي شمال سوريا تمكن السوريون الأكراد من هزيمة داعش، بذلك استعادوا بنجاح مساحات كبيرة من الأراضي التي يقطنها الأكراد. 

يخضع الإقليم الذي يسيطر عليه الأكراد لدستور فيدرالي وديمقراطي -"ميثاق العقد الاجتماعي"- الذي ينص على أن يحصل جميع المواطنين على المساواة بين الجنسين، وحرية الدين، وحقوق الملكية. وقد أشار استطلاع نُظِّم في سبتمبر / أيلول 2017، انتخب خلاله المواطنون قادة لحوالي 3700 "هيئة بلدية" في مختلف مناطق شمال سوريا، حيث شكلت المجموعات الكردية حكما ذاتيًا.

اقرأ أيضًا: مقالات مختارة من موقع قنطرة