هل تتعايش إيران مع عقوبات ترامب إلى أن يخرج من السلطة أم تزيد دعم وكلائها لكسب أوراق تفاوضية؟

قد لا يعتمد نجاح مسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للحد من أنشطة إيران النووية والصاروخية والإقليمية على العقوبات التي أعاد فرضها عليها فحسب، بل أيضا على مدى استعداده لإبداء قدر من المرونة في طلباته المستفيضة كي يجذبها إلى طاولة التفاوض.

دخلت العقوبات التي أعادت واشنطن فرضها على قطاع النفط الإيراني الحيوي حيز التنفيذ يوم الإثنين 05 / 11 / 2018، وأشار مسؤولون أمريكيون إلى أن قدرا من المرونة مطلوب لضمان تدفق الإمدادات في الأسواق العالمية ومنع أسعار الخام من الارتفاع الحاد.

ومع تخلي الولايات المتحدة عن الاتفاق النووي الإيراني الموقع في 2015، صور ترامب وكبار مستشاريه إعادة فرض العقوبات الاقتصادية على إيران على أنها جزء من حملة لوضع "أقصى قدر من الضغط" على إيران لإجبارها على تغيير سلوكها على عدة أصعدة.

لكن مسؤولين سابقين يعتبرون أن ما يريده ترامب من طهران يمثل موقفا "مغاليا" إذ يشمل وقف عمليات تخصيب اليورانيوم ومنح مفتشي الأمم المتحدة الإذن بدخول كل المواقع في أنحاء إيران ووقف دعم طهران لجماعة حزب الله في لبنان وللحوثيين في اليمن ولحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).

وسرد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في 21 مايو / أيار 2018 قائمة مؤلفة من 12 طلبا شملت أيضا وقف إيران لتطوير الصواريخ ذات القدرات النووية وسحب القوات التي تأتمر بأمرها في سوريا والكف عن الأفعال التي تهدد جيرانها.

وقال روبرت آينهورن، وهو مسؤول أمريكي سابق يعمل حاليا في مؤسسة بروكنجز البحثية: "إنها مطالب مغالية، ولن يكون لدى أي حكومة إيرانية استعداد أو قدرة على قبولها". وأضاف أن ترامب يريد أن تذعن الحكومة الإيرانية أو تنهار.

وتابع قائلا: "لن يرضخوا...لكن إن بدأت الإدارة (الأمريكية) في إبداء قدر من المرونة... فمن الممكن أن يوافق النظام الإيراني على الدخول في مفاوضات".

وقد تشمل تلك المرونة التلميح إلى أن إيران يمكنها أن تحد من تخصيب اليورانيوم بدلا من وقفه تماما وأن تسمح بالمزيد من عمليات التفتيش بما يفوق ما نص عليه اتفاق 2015 بدلا من التفتيش في أي وقت وفي أي مكان تشاؤه واشنطن.

والعقوبات التي دخلت حيز التنفيذ يوم الإثنين تشمل تلك التي تهدف إلى إجبار الدول المستوردة للنفط الإيراني مثل الصين والهند وتركيا على خفض مشترياتها، أو بالأحرى وقفها، وإن كان يبدو أن البيت الأبيض يقر بأن تلك المساعي غير واقعية.

وقال مستشار البيت الأبيض للأمن القومي جون بولتون: "نريد ممارسة ضغوط قصوى لكننا لا نريد الإضرار بأي من أصدقائنا وحلفائنا" في إشارة إلى أن واشنطن قد تمنح "استثناءات" من تلك العقوبات للدول التي تخفض بشدة مشترياتها من النفط الإيراني.

ومن بين العقوبات المطروحة إدراج نحو 25 مصرفا إيرانيا فرضت عليها عقوبات من قبل في قائمة سوداء بما يدفع نظام سويفت للتحويلات المالية والمعاملات بين البنوك ومقره بروكسل، إلى وقف التعامل معها بما يضيف المزيد من العراقيل أمام تجارة إيران مع العالم.

وعندما تخلى ترامب عن الاتفاق النووي وعد بفرض "أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية" على إيران قائلا إن هذا سيجعلها ترغب في إبرام اتفاق جديد. وأضاف: "عندما يريدون ذلك.. فأنا جاهز ومستعد وقادر".

ومن العوائق الرئيسية أمام إجراء أي مفاوضات الافتقار للثقة بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي وقناعة إيران بأن هدفه الحقيقي هو إسقاط حكومتها على الرغم من النفي الأمريكي المتكرر.

ولخص ريتشارد نفيو، وهو مسؤول أمريكي سابق يعمل حاليا في جامعة كولومبيا، موقف طهران من المحادثات بالقول: "لماذا نكلف نفسنا العناء؟".

ورجح أن تحاول إيران التحايل على العقوبات الأمريكية ومقاومتها وأن يكون موقفها "إذا كنا سنقع فعلى الأقل لن نركع.. بل سنموت واقفين".

وربما تحاول إيران التعايش مع تقلص عائدات النفط لعامين في انتظار معرفة ما إذا كان ترامب سيعاد انتخابه، ثم تتخذ بعدها قرارا بشأن المحادثات.

وقال جون ألترمان وهو مسؤول أمريكي سابق يعمل حاليا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: "سيعرضون عن القيام بذلك من موقف الضعف المذل".

ومن المرجح قبل المشاركة في أي محادثات أن تزيد إيران من دعمها لوكلائها في المنطقة أو أن تجري تجارب صاروخية لتكسب أوراقا للتفاوض.

وقال ألترمان: "سيحدث كل ذلك.. الولايات المتحدة ستضيق الخناق.. الإيرانيون سيفعلون المزيد من الأمور المقلقة لإدارة ترامب.. وسيجري الطرفان محادثات". رويترز