هل فشلت "صفقة القرن"؟"تمخض الجبل فولد فأراً ... وتمخض كوشنير فولد ورشة في المنامة"
عرض جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي، خطته لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، قبيل انطلاق أعمال ورشة البحرين الاقتصادية، والتي تقضي بضخ استثمارات تصل إلى 50 مليار دولار في أكثر من دولة عربية، مقابل توطين اللاجئين الفلسطينيين وتنفيذ مشاريع في مجالي البنية التحتية والأعمال لتشغيل الفلسطينيين.
كان هذا هو رأي نيلز شميد، المتحدث باسم السياسة الخارجية للمجموعة البرلمانية للحزب الديمقراطي الاشتراكي في البرلمان الألماني عن الملامح الأساسية لخطة كوشنر.
السياسي الألماني البارز أضاف أن "محاولة استخدام وعود مالية غامضة لإثناء الفلسطينيين عن فكرة وجود دولة لهم قد فشلت تماماً، حتى الحكومة الإسرائيلية نفسها بدت حذرة بشكل ملحوظ سواء حيال الخطة أو مؤتمر البحرين" متوقعاً ألا ينجم عن الخطة بأكملها أي شيء.
ويتفق مهند الحاج علي، الباحث بمركز كارنيغي الشرق الأوسط في بيروت، مع وجهة نظر السياسي والبرلماني الألماني، مؤكداً على أن "الفلسطينيين أثبتوا على مدار خمسة عقود منذ هزيمة حزيران 1967 أنهم مستعدون للانتظار والتضحية في سبيل تحقيق ما يريدون، ولا أعتقد أن مثل هذا النوع من التنازلات مقبول أبداً من جانبهم، رغم تقديمهم لتنازلات سابقة من خلال اتفاقية أوسلو أو غيرها. لكننا هنا نتحدث عن أمر مختلف فهذا إقرار تام بالهزيمة المختلطة بالمهانة، فلا دولة فلسطينية ولا عودة للاجئين وتوطين في دول أخرى مقابل بعض الأموال والمشاريع".

"صفقة بمذاق الاستسلام والمهانة"
أثار غياب تفاصيل حل سياسي عن الخطة رفضاً ليس من قبل الفلسطينيين فحسب، بل من قبل دول عربية أيضا تسعى إسرائيل إلى إقامة علاقات طبيعية معها، لكن الرفض الأشد جاء من جانب الشعوب.
فمن السودان إلى الكويت، استنكر معلقون بارزون ومواطنون عاديون مقترحات كوشنر بعبارات متشابهة بشكل لافت للانتباه مثل "مضيعة هائلة للوقت" و"فاشلة" و"مصيرها الفشل منذ البداية"، فيما وجهت أحزاب ليبرالية ويسارية مصرية انتقادات حادة لورشة البحرين مشيرة إلى أن مؤتمر المنامة "يرمي إلى تكريس وشرعنة الاحتلال للأراضي العربية"
وفي هذا السياق يشير طارق بقعوني، المحلل السياسي وخبير شؤون الشرق الأوسط بمجموعة الأزمات الدولية، إلى تباين في وجهات النظر بين الشعوب العربية وحكوماتها بشأن "صفقة القرن"، "فلطالما ظل السؤال الفلسطيني هو المحرك للشعوب العربية، صحيح قد يرتفع أو ينخفض قدر التضامن، لكن تظل القضية الفلسطينية على قمة اهتماماتها".
ويعتقد بقعوني أن "الحكومات العربية وخاصة بعد ثورات الربيع العربي قد أصبحت سلطوية بشكل أكبر، حتى أن بعضها شكل محوراً للثورة المضادة لثورات الشعوب. بالتالي لم تعد أغلبية تلك الحكومات تعمل بالضرورة لصالح شعوبها ولا حتى لصالح القضية الفلسطينية، وإن اهتمامها بالشأن الفلسطيني تراجع كثيراً ليحتل التعاون الأمني قمة أولويات تلك الأنظمة التي تبحث اليوم عن تطوير تعاون وتحالف أمني قوي أحد أهم محاوره هو الحد من النفوذ الإيراني، ليتراجع البحث عن حل عادل للفلسطينيين إلى أسفل تلك القائمة. ما جعل الفجوة بين تلك الأنظمة وشعوبها تتسع بشدة".
فيما يرى مهند الحاج علي، الباحث بمعهد كارنيغي في بيروت، أن "الصدمة الممزوجة بالشعور بالمهانة هي ما شعرت به الشعوب العربية وبعض الحكومات "لأنه في النهاية عندما تقول للعالم العربي أن دول الطوق الأردن ومصر ولبنان والفلسطينيين سيحصلون جميعاً على 50 مليار دولار موزعة على 10 سنوات وأغلبها قروض ميسرة تدفعها دول الخليج فهذه تعتبر إهانة شديدة في نهاية المطاف".