الخاطبة الإلكترونية

انتشرت مؤخرا في أوروبا ظاهرة مواقع الإنترنت التي تقوم بالوساطة للجمع بين قلوب من ينوي الزواج من المسلمين والمسلمات. تقرير عن هذه الوكالات العصرية التي تؤدي نفس الدور القديم للخاطبة في المجتمعات الإسلامية التقليدية.

​​ نشرت نورا معلومات شخصية عن نفسها على الموقع الالكتروني www.MuslimMatch.com وهو موقع خاص بالمسلمين وحدهم على أمل أن تعثر بهذه الطريقة على شريك لحياتها. نورا في العشرين من عمرهاً، من المذهب السني وتعيش في روما.

تبدو في الصورة بشعر بني طويل وبسمة لطيفة ونظرة ساحرة. أما عائشة فعلى العكس منها إذ تبدو من خلال صورتها أكثر محافظة: فهذه المسلمة الشابة التي تعيش في اسبانيا تُغطي رأسها بحجاب أسود صارم. عائشة ونورا 86 ليستا سوى مستخدمتين في وكالة من عدة وكالات زواج إسلامية. الحصول على العضوية ليس بالأمر الصعب. إذ تكفي معلومات بسيطة مثل العمر والوضع الاجتماعي ومستوى التعليم ونوع العمل ولون البشرة وصورة جميلة لنشر الاعلان في الشبكة، ولكن عادة بعد دفع اشتراك. تتراوح أسعار الاشتراك بين ثلاثين دولاراً (ما يعادل حوالي ثلاثة وعشرين يورو) لدى www.muslimwedding.org لمدة ثلاثة أشهر، وخمسة وعشرين جنيهاً استرلينياً (ما يعادل حوالي سبعة وثلاثين يورو) لدى www.muslim-marriages.co.uk. ولكن ماذا عن إيجابيات هذه المواقع؟ هنا لا تظهر المعلومات الشخصية فحسب وإنما يستطيع المستخدم او المستخدمة معرفة عنوان الشريك المحتمل مباشرة أيضا.

تكنولوجيا جديدة للزواج

وكالات الزواج ليست جديدة على المسلمين ولكنها آخذة بالنمو. فاستناداً الى صحيفة الغارديان اللندنية ارتفع عدد أعضاء MuslimMatch.com من خمسة عشر ألف ليصل إلى مائة وعشرة آلاف. ولكن هل يسمح الإسلام أصلاً بأن يلجأ المسلمون إلى وكالات زواج، حتى ولو كانت في الانترنت؟ يجيب على هذا السؤال ماريو نورديو، مؤلف كتاب "وكالات زواج إسلامية الكترونية" قائلا: "يعتمد المرء في التقاليد الإسلامية منذ الأزل على التكنولوجيا. ليس هذا فحسب، فثقافياً ما يجري في مواقع الزواج الالكترونية لا يختلف عن الزيجات التقليدية المتعارف عليها." الفرق هنا هو أنها لا تُدبر من قبل العائلات، إنما يلتقي شريكا المستقبل من خلال موقع الكتروني موثوق به.

ولكن البعض يشعر وكأنه "اعتراف بالفشل الشخصي، وكأنما هم يعترفون أن في محيط معارفهم لا يوجد من يرغب بالزواج منهم"، كما يقول مؤسس الموقع الالكتروني www.muslim-marriages في مقابلة مع الصحيفة الايطالية اليومية، "لا ربيوبليكانا".

أما نورديو فله رأي آخر: "إن استخدام التكنولوجيا الحديثة في الثقافة الإسلامية عامة ومن قبل المهاجرين المسلمين خاصة في تزايد مستمر. علينا أيضاً أخذ نقطة أخرى بعين الاعتبار: هذه المواقع مرغوبة لدى الكثيرين لأنها عادة ما تكون تابعة لوكالات معروفة حيث يقدم فيها علماء دين معروفون الرأي في تفسير القرآن."

اعتبارات الأصول

يتابع نورديو قائلا إن "شباك صيد شريك الحياة كانت ترمى دائما في المياه العائلية. فالكثيرون يتمنون الزواج من شخص يتشابه معهم في الكثير من الصفات، فلماذا لا توجد إذن مواقع مشابهة للمسيحيين؟". ويضيف "إن الذين اعتنقوا الإسلام في أوروبا يشكلون نسبة بسيطة من السكان هناك ويميلون إلى التعارف في مواقع مشابهة. ولكن الجدير بالذكر أن الإسلام الأوروربي يشكل ظاهرة معقدة للغاية. علينا مثلاً أخذ موطن معتنق الإسلام بعين الاعتبار وكذلك أيضاً التيار الديني الذي يتبعه." تأخذ مواقع مثل www.Muslimwedding.org هذه النقاط بعين الاعتبار، فهي أكثر من مجرد واسطة زواج. عند البحث عن شريك يستطيع المستخدم اختيار الطائفة التي يريد (سني أو شيعي أو صوفي)، كما يستطيع تحديد البلد أيضاً. وعند تسجيل شخص جديد يتناسب مع طلباته، يتم اخطاره تلقائياً بالأمر عن طريق الرسائل القصيرة أو البريد الالكتروني.

مدونة من أجل العثور على زوجة

وعند سؤاله عن الماهية النمطية للأشخاص المسلمين الذين يستخدمون مثل تلك المواقع، أجاب "هناك مثلاً مطلقات بلغن الخمسين من العمر يعشن في لندن، كما يوجد أشخاص بعمر الشباب يخططون لمستقبلهم، ولكن عادة ما تكون المظاهر مخادعة." ويتابع قائلاً "تبين دراساتي أنه عادة ما يكون هناك رجال في مواقع الزواج يودون التواصل مع صغار السن - مما يتفق كلياً مع التقاليد الأبوية." ومن لا يجد ضالته في وكالات الزواج يلجأ إلى وسائل أخرى لإيجاد شريكة حياته المسلمة. فمثلاً أنشأ كاتب مجهول الهوية المدونة Muslimquest لإيجاد زوجة له.

ويقول صاحب هذه المدونة إن "الزواج الإسلامي مشكلة عويصة في الغرب. وأنا أحاول حل هذه المشكلة، لأن العيش بدون زوجة يقود المسلم إلى الشعور بالاحباط."

بقلم تيتسيانا فورسا/أدريانو فارانو ترجمة منال عبد الحفيظ شريده حقوق طبع النسخة العربية قنطرة 2006

​​صدر النص الأصلي في موقع cafebabel