الرئيس العراقي غازي الياور في برلين

على أجندة زيارة الرئيس العراقي المؤقت لقاء المستشار غيهارد شرودير ووزير الخارجية يوشكا فيشير ووزيرة التنمية والتعاون هايديماري فيتزوريك تزويل. وتتمحور المحادثات حول المبادرات الألمانية لإعادة إعمار البلد. تعليق بيتير فيليب

على أجندة زيارة الرئيس العراقي المؤقت لقاء المستشار غيهارد شرودير ووزير الخارجية يوشكا فيشير ووزيرة التنمية والتعاون هايديماري فيتزوريك تزويل. وسيكون موضع اهتمام الطرفين مشاركة الشركات الالمانية في اعادة إعمار البلد. تعليق بيتير فيليب

​​تعتبر هذه هي الزيارة الأولى لزعيم عراقي إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية بعد سنوات كثيرة من العلاقات شبه
الرسمية فقط وبعد أن تم تبادل العلاقات الدبلوماسية على مستوى السفارات وقد وصف ذلك بأنه "خطوة هامة على طريق تطبيع العلاقات بين البلدين." ولكن مازال يفصلنا بعد كبير عن تطبيع حقيقي.

ففي بداية الأمر هناك الوضع العام القائم حاليا في العراق نفسه: إنه وضع لا يساعد أبدا على نشاط مباشر لدول أجنبية – بما في ذلك ألمانيا أيضا: وليس هناك سوى الدول التي شاركت في التحالف الأمريكي في الحرب على العراق، التي ترى أن بوسعها النشاط في هذا المضمار، هذا ناهيك عن أن الكثير من هذه الدول، يبحث عن مخرج يحفظ ماء الوجه للتمكن من الخروج من العراق، قبل أن تجبر هذه الدول من قبل الارهابيين على الخروج مرغمة بفعل عمليات الخطف أو العمليات العسكرية.

وبالطبع يعرف المعنيون بالأمر في ألمانيا أيضا حقيقة هذا الوضع منذ البداية ويقدرون المخاطر المترتبة عليه، لذا فانهم ليسوا على استعداد، للقيام بأي عمل مباشر داخل العراق.

ومن المفهوم ضمنا أن لا يكون أي نشاط لألمانيا مرتبط بأي علاقة بالاحتلال الأمريكي. ولم يكن من ضرورة لفهم هذا الأمر فقط على أثر عملية اختطاف الايطاليتين، اللتين كانتا تعملان في مجال المعونة التنموية في العراق، وذلك من أجل توضيح أن المختطفين لا يميزون بين استعداد لتقديم مساعدة إنسانية حقيقة وبين دعم للسياسة الامريكية في العراق.

ولن ينفع برلين أيضا موقفها المتميز من الحرب على العراق. وذلك لان الارهابيين ليسوا معنيون بمستقبل العراق: فكل مساهمة من أجل تطبيع وتحسين الظروف الحياتية في العراق تعتبر في نظرهم دعما للسياسة الأمريكية هناك. وهذا ينطبق أيضا على كل علاقة مع الحكومة المؤقتة.

وهذه الحكومة المؤقتة من طرفها ليست على استعداد لمكافأة الموقف الألماني والفرنسي أثناء الحرب. ولقد كان هذا الأمر واضحا تماما عندما قام رئيس الوزراء العراقي أياد علاوي منذ فترة وجيزة بتوجيه "صفعة" لفرنسا على موقفها الذى اعتبره مرنا تجاه الارهابيين، متهما اياها بتحمل جزء من المسئولية عن اختطاف الصحفيين الفرنسيين.

ولقد قامت فرنسا على أثر ذلك بالغاء زيارة الرئيس العراقي غازي الياور. ولكنه سيزور في جولته الحالية برلين، روما، وارسو وبروكسيل. فهناك البعض من الداعمين للموقف الأمريكي من هذه الدول – الا ان ألمانيا ليست من ضمن هؤلاء. ولكنهم جميعا يعانون من ذات المشكل في العراق.

يريد المرء بالطبع تقديم المساعدة. ليس فقط من منطلق إنساني، بل أيضا منطلق المصلحة الاقتصادية. ولكن لا يستطيع المرء تحمل مسئولية الذهاب للعراق. لذا ومن هذا المنطلق تبقى المساعدة محصورة بمحاولات محدودة مثل تدريب وتهيئة الشرطة العراقية أو الضباط العراقيين في الدول المجاورة للعراق

أما المساعدة الضرورية فعلا فلا يستطيع المرء القيام بها، وهي اعادة بناء البنى التحتية بسرعة، تلك التي لم تدمر فقط في الحرب الأخيرة وانما قبل ذلك أيضا. إن موضوع تأجيل تسديد الديون العراقية بالتأكيد هام أيضا، ولكن يجب العمل وقبل كل شيء على مساعدة العراق في أن يقف على قدميه من أجل أن يساعد نفسه بنفسه.

وما دام ذلك غير ممكن، سيبقى البلد يئن تحت ضغط المصاعب ولن يكن هناك إمكانية لاعادة الحياة الطبيعية له. لا في العراق ذاته ولا في علاقاته مع الخارج.

بقلم بيتر فيليب، دويتشه فيلله ‏2004‏‏
ترجمة مصطفى سليمان