العمل الثقافي يساهم في الدمقرطة

أعيد افتتاح معهد غوته في العاصمة الأفغانية كأول معهد ثقافي أجنبي في كابول. رئيس تحرير فكر وفن تحدث مع مديرة المعهد ريناتة إلزيسر

معهد غوته في كابول
مقابلة مع مديرة المعهد ريناتا ايلزيسر

في الثاني والعشرين من أيلول (سبتمبر) 2003 أعيد افتتاح معهد غوته كأول معهد ثقافي أجنبي في كابول في إطار احتفالي. تأسس معهد غوته في كابول عام 1965 وأغلق عام 1992 بسبب الحرب الأهلية. أجرى شتيفان فايدنر هذه المقابلة مع مديرة المعهد ريناتة ايلزيسر

ما هي المجالات التي سيعمل فيها معهد غوته الذي أعيد افتتاحه في كابول بالضبط؟
ريناتة ايلزيسر: سنتابع العمل في ما بدأناه في السنة الماضية، أعني في مجال السينما، المسرح، الموسيقى، الفن التشكيلي وتجهيز المكتبات وتأهيل المكتبيين. هذه هي النقاط الأساسية في عملنا، ستضاف إليها مجالات أخرى، ولكن ذلك يستغرق بعض الوقت. سيكون أي مشروع مجديا حين نقوم بالعمل بشكل منظم وهذا يحتاج إلى وقت أطول.

ماذا يعني العمل المسرحي والسينمائي في الواقع؟ هل يعني أنكم ستدعون أشخاصا من ألمانيا وتقيمون علاقة بينهم وبين شركاء أفغان؟
ايلزيسر: نعم، هذا صحيح، ندعو فنانين ومتخصصين وخبراء من ألمانيا، ونحاول أيضا أن نقيم ورش عمل طويلة مع الشركاء الأفغان، فقد ظهر في السنوات الأخيرة أن إجراء فعاليات لمدة أسبوع في أفغانستان وقت قصير جدا. ونحن نحتاج هنا إلى وقت أطول لنبني من الأساس فعلا وننقل المعارف إلى الشركاء الأفغان في مجالات كانوا مقطوعين عنها زمنا طويلا جدا.

وهكذا فإن عملكم يتشكل بالدرجة الأولى في أن تكونوا وسطاء بين المختصين الألمان في المجالات الثقافية والأفغان المهتمين بها والذين يريدون العمل في هذه المجالات أيضا؟
ايلزيسر: أنظر، لم تعد توجد سوى نقاط ارتباط قليلة في العمل الثقافي. إننا نحاول من خلال الاتصال بالفنانين والمختصين الألمان أن نمّكن الشركاء الأفغان من الاتصال بالثقافة والفن في البلدان الأخرى ثانية. إننا ننظر إلى مهمتنا كمساعدة لإعادة بناء الثقافة الأفغانية قبل كل شيء. لن يحتل تقديم الثقافة الألمانية المكان الأول في مهماتنا في الفترة القادمة.

موقع معهد غوته
فريق معهد غوته في كابول

​​إنه مهم جدا لنا أيضا أن يُعرض ما يقوم الفنانون الأفغان بإنتاجه في مجال السينما والمسرح والفن التشكيلي في الخارج، هذا يعني أننا سنأتي بفنانين أفغان إلى ألمانيا أيضا، وقد أقمنا في نيسان/أبريل أسبوعا أفغانيا في المسرح الألماني في هامبورغ، كما أقمنا عروضا سينمائية عديدة للأفلام الجديدة التي أنتجت هنا في كابول. نريد أن نري الجمهور الألماني ما ينجزه الأفغان ثانية في هذه المجالات. وسيظهر المستقبل ما إذا كان الفنانون الأفغان يعملون أيضا بشكل مستقل عن هذه المشاريع التي نقدمها لهم، وما إذا كان قد تحقق تبادل فعلي. ولكن لا يزال أمامنا طريق طويل حتى ذلك.

وهكذا فإنكم لم تقدموا بعد فعالية مفتوحة للجمهور مثل عروض الأفلام والمناقشات العامة والقراءات وما شابه ذلك؟
الزيسر: أجل بالطبع، فإننا نريد أن نقدم شيئا للجمهور المهتم، نريد أن نقوم بعمل إعلامي ونصبح معروفين. لهذا فإننا سنقدم أفلاما أيضا، ويتوجب على المرء في ذلك أن يختار بعناية بالغة. ربما نرجح الأفلام القديمة، الأفلام الصامتة أيضا، لقد لاقت هذه اهتماما كبيرا جدا من قبل شركائنا في مجال السينما، ولكننا لن نستطيع في الوقت الحاضر أن نستقدم فرقة مسرحية ألمانية. وبدلا من ذلك نريد أن نقدم نتيجة عمل ورشة العمل المسرحي التي تقام منذ أكثر من ثلاثة أشهر في القسم المسرحي في الجامعة إلى الجمهور في النهاية. خطط لثلاث مسرحيات سيقوم بتمثيلها الطلاب الأفغان في قسم المسرح. نريد أن نقيم معارض في القاعة الوطنية ونريد أن نقدم في المركز الثقافي الذي افتتح ثانية منذ ثلاثة أشهر والذي تلقى دعما لمدة سنة من البنك الدولي، حفلات موسيقية.

هل ستنظمون دورات لتدريس اللغة الألمانية؟
الزيسر: نعم إنها بدأت منذ أيار/مايو الماضي. لدينا الآن أربع دورات، وينتظر أن تضاف إليها أربع دورات أخرى في تشرين الأول/اكتوبر. الاهتمام باللغة الألمانية في أفغانستان كبير جدا، بسبب العلاقات الطيبة الطويلة بين البلدين، لا يزال ثمة أفغان كثيرون يرغبون في تعلم الألمانية. نريد أن نكون قادرين على الاستجابة لهذا الطلب، فإنه مفيد بالنسبة للشبان خاصة أن يتعلموا الألمانية، ربما ليستطيعوا الدراسة في ألمانيا فيما بعد أو يحصلوا بذلك على فرصة للحصول على عمل لدى المؤسسات الألمانية الكثيرة هنا.

وهكذا يستطيع المرء القول إن معهد غوته في كابول ينفذ إلى جانب ورشات العمل التي هي نوع خاص جدا من العمل الثقافي، البرنامج الكلاسيكي لمعهد غوته؟
الزيسر: نعم. نحن نقول دائما إن عملنا يقوم على ثلاث دعائم، الدعامة الأولى هي العمل المنهجي، هذا يعني الفعاليات الثقافية، وورش العمل والتبادل بين الفنانين في البلدين.

موقع معهد غوته
صالة سينما في كابول

​​الدعامة الثانية هي العمل اللغوي بالنسبة لمتعلمي اللغة الألمانية في معهدنا، ولكن أيضا التعاون مع الجهات الأخرىالتي تعلم اللغة. تدخل في ذلك أيضا متابعة التعلم بالنسبة لمعلمي اللغة الألمانية، رغم أنه لا يوجد الآن الكثيرون في أفغانستان، لم يعد يوجد أحد تقريبا خارج كابول. نحاول أن نغير هذا تدريجيا من خلال قيامنا بمشاريع في مدن المقاطعات مثل هيرات ومزار الشريف وقندز. إلا أن هذا صعب ويحتاج إلى وقت، حيث لا يستطيع المرء أن يسافر إلى هذه المدن بكثرة. لهذا فليس أمامنا إلا البحث عن شركاء يعتمد عليهم هناك.
الدعامة الثالثة هي عمل المكتبة في مؤسستنا. ليس لدينا للأسف سوى غرف صغيرة، هذا حل مؤقت للسنتين القادمتين. إذا تطور كل شيء تطورا سلميا نفكر أن نستأجر فيما بعد بناية أكبر. غرف الدرس في الوقت الحاضر متوسطة الحجم، إنها تكفي الآن، ولكن ليس لدينا سوى غرفتين، المكتبة صغيرة جدا، إنها أيضا مكتبة لإثبات الحضور فقط، وهي ليست مكتبة للإعارة. إلا أن هذا ليس سيئا، فلم يعد في البلاد من يستطيع قراءة الكتب الألمانية تقريبا. من هنا أعتقد أننا بهذا المعهد مجهزون تجهيزا جيدا في الوقت الحاضر، ولكننا ندرك أنه يمكن أن نحتاج إلى بناية أكبر في وقت ما.

مع أي الشركاء تتعاونون في الوقت الحاضر؟
الزيسر: لدينا تعاون وثيق جدا مع الشركاء في مجال السينما، إنه أيضا المجال الذي لا تزال تتوفر فيه شروط كثيرة جدا، فقد كان الكثير من العاملين في السينما في المنفى في باكستان وايران واستطاعوا هناك أن يتابعوا عملهم. يعود القسم الأكبر من الأفغان الذين كانوا في المنفى في باكستان وايران. من هنا لدينا في هذا المجال شركاء نشيطون حددنا معهم نوع المساعدة بصورة واضحة ـ بالدرجة الأولى في التجهيزات وورش العمل. في هذا المجال ينجز في أفغانستان الكثير، حيث يجري الآن إنتاج الأفلام ثانية. وقد حصل الفيلم الروائي لسيدي غولا باماي، رئيس مؤسسة الفيلم الأفغاني، على سبيل المثال على جائزة خاصة في مهرجان كان. وقد بيع حتى الآن في بلدان كثيرة وعرض في بعض منها، وسيعرض في ألمانيا ابتداء من كانون الثاني/يناير. هذه هي أول خطوة كبيرة باتجاه نشاط ثقافي مستقل في أفغانستان. أنتج مخرجون آخرون كثيرون أفلاما قصيرة ويخططون لانتاج أفلام روائية كبيرة أو أفلام وثائقية.

هل لديكم شعور بأن الرأي العام الألماني والسياسة الألمانية يقفان وراءكم؟
الزيسر: نعم، السياسة الألمانية تدعم عملنا هنا، لقد كانت رغبة وزارة الخارجية الأكيدة أن يفتح معهد غوته هنا، وقد حصلنا على أموال كافية من الصندوق المخصص لأفغانستان. بالطبع كثيرا ما يسألنا الأصدقاء والصحفيون عما إذا كانت المشاريع الثقافية هي الحاجة الأكثر إلحاحا لأفغانستان. إنني أدرك أن حاجة أفغانستان إلى الثقافة ليست أكثر الحاجات إلحاحا، عدا هذا لا تزال البلاد فقيرة جدا ولا يزال الكثير من الناس يعيش تحت مستوىالحد الأدنى، وهم يحتاجون إلى غذاء ومأوى. إلا أنني أعتقد أن الثقافة تلعب دورا مهما في إقامة المجتمع المدني، وأن العمل الثقافي، كما يفهمه معهد غوته، يسهم في الديمقراطية وتشكيل الوعي. وهذا ما يؤكده لي أيضا الكثيرون من شركائنا الأفغان.

أجرى المقابلة شتيفان فايدنر
ترجمة سالمة صالح

سينشر النص الكامل للمقابلة في العدد القادم من مجلة فكر وفن