لقاء الفلاسفة في إسطنبول

التقت صفوة فلاسفة العالم في مؤتمر عالمي، يقام هذا العام للمرة الأولى في تركيا، في دولة يشكل المسلمون فيه الغالبية العظمى. تقرير أولريش بيك من الدويتشه فيلله.

لقاء الفلاسفة في إسطنبول

انعقد المؤتمر العالمي الحادي والعشرين للفلسفة تحت شعار "الفلسفة في مواجهة مشاكل العالم" ودام حتى 17 أغسطس/آب في مدينة إسطنبول. وقد تناولت لقاءات الاتحاد الفيدرالي للجمعيات الفلسفية - التي انعقدت للمرة الأولى عام 1900، وتعقد منذ عام 1948 بانتظام كل خمس سنوات – في المقام الأول مناقشة قضايا السياسة والمجتمع الراهنة والمطروحة في مستهل الألفية الثالثة. الشيء الجديد هو انعقاد المؤتمر للمرة الأولى في بلد يشكل المسلمون الغالبية العظمى فيه، وهو الأمر الذي لم توليه رئيسة اتحاد الفلسفة التركي، إيوانا كوسورادي، ذِكراً خاصاً: "تتقدم دولة أو أكثر من الدول الأعضاء في الاتحاد الفيدرالي بطلب تنظيم المؤتمر، وبعد ذلك يقع الاختيار على إحداها. أنه نوع من المنافسة. وقد انعقد المؤتمر الأخير في مدينة بوسطن عام 1998، إذ تعقد هذه المؤتمرات مرة كل خمس سنوات. لقد قدمنا طلبنا وفزنا بتنظيم المؤتمر هنا."

ابن رشد والنظام العالمي الجديد

ألقى أوتفريد هوفه من مدينة توبنغن الألمانية محاضرة عامة عن العالِم العربي ابن رشد من نهايات العصور الوسطى، الذي وصلت عن طريقه نصوص أرسطو إلى أوربا اللاتينية. وتمثلت الموضوعات الأربعة الكبرى للمؤتمر، الذي شارك فيه فلاسفة من 85 بلداً في "دور الفلسفة: التنوير. الأفكار والمناظير الأخرى لما بعد الحداثة"، "التطورات الحديثة في العلوم والتقنية"، "العولمة والهوية الثقافية" ثم "حقوق الإنسان: الدولة والنظام العالمي". وقد تحدث في الموضوع الأول يورغن هابرماس من فرانكفورت، وفي الموضوع الرابع روديغر بوبنر من توبنغن. اللافت للانتباه أن هذه الموضوعات الرئيسية للمؤتمر كان من الممكن أن تُناقش أيضاً بنفس القدر الجيد من قبل علماء الاجتماع أو الساسة في إطار مناظرات حول قضايا المستقبل. ولكن إدارج هذه الموضوعات على جدول أعمال المؤتمر، هنا في إسطنبول، ومن قبل فلاسفة بالذات، أمر تعلق عليه إيوانا كوسورادي كالآتي: "يفترض دائماً كفاية البيانات التي توفرها الإحصاءات للتوصل إلى تكهنات. ولكن هذا غير صحيح، فغالباً ما يتم تجاهل بعض العوامل مثل البعد الأخلاقي أو وجهات النظر الخاصة بحقوق الإنسان. إلا أن الفلسفة تساعد، سوياً مع هذه العوامل، في وضع التكهنات. وإذا لم نرد أن تتطور الأشياء من طرف واحد فقط في هذا أو ذاك الاتجاه، وإذا أردنا الاحتفاظ بالنظرة الشاملة، فإن الفلسفة تلعب عندئذ دوراً شديد الأهمية."

فلسفة للأطفال

و في إطار مؤتمر الفلسفة في إسطنبول، تم أيضاً تنظيم بعض الحلقات العلمية، وأمكن لطلاب الجامعة المشاركة في مناقشاتها، كما هو الحال في الحلقات الدراسية العادية، وكان من بين الموضوعات التي تناولتها العداء تجاه الأجانب والأشكال المختلفة للعمل السياسي. هذا علاوة على محاضرات فلسفية للأطفال. إلا أن إيوانا كوسورادي تحذر من تكوين تصورات خاطئة عن الفلسفة: " على سبيل المثال الخلط بينها وبين إدراك العالم، أو بينها وبين ما يتوقعه المرء من حياته، أو حتى الخلط بينها وبين الإيديولوجية. وخلفها تقبع الحكمة بلا شك. وتريد الفلسفة تحقيق العكس. فهي تعمل على استقصاء العقائد، وهنا يأتي دور الحكمة. وينطبق نفس الشيء على فلسفة الحياة. وهي تتعلق بالتوقعات والمثاليات، وتبحث عن المعايير والأحكام التي تشكل أهمية للناس. غير أن الفلسفة ليست عملية تثمين للقيم."

Ulrich Pick, Deutsche Welle 2003
ترجمة: حسن الشريف