العقوبات الأمريكية على الجمهورية الإسلامية
هل لعقوبات ترامب كسر إيران؟

تهدف المرحلة الأخيرة للعقوبات الأمريكية -البادئة في 04 / 11 / 2018- إلى تقليص صادرات إيران النفطية إلى الصفر. الباحث حسن حكيميان يرى في تحليله التالي أن هذه العقوبات غير مدعَّمة بقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة، وبالتالي فهي تفتقر للشرعية الدولية، وهذا يعني أن عزلة إيران بعيدة عن أن تكون كاملة، لكن الوضع الفعلي وليس الوضع الشرعي لهذه العقوبات هو الذي سيحدد مدى فعاليتها.

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر تغريدة  له أنّه «تمّ رسميا التوقيع على العقوبات المفروضة على إيران"، وجاء هذا التصريح بعد مرور ثلاثة أشهر على توقيعه لمرسوم تنفيذي في مايو / أيار 2018، أعلن بموجبه عن انسحاب إدارة بلاده من اتفاق إيران النووي لعام 2015.

وواصل دونالد ترامب حديثه بفخر عن رجوع "أكثر العقوبات المفروضة  قساوة"، وكأنه يدق جرس نهاية خطة العمل الشاملة المشتركة، كما يُعرف بها الاتفاق رسميا.

وقد فاجأ التصريح عددا قليلا من المراقبين، ولكن ويندي شيرمان، المفاوضة الأولى لخطة العمل الشاملة المشتركة، لم تخفِ سخريتها، حيث قالت إنها كانت دائما تتوقع أن "يكون التحدي الأكبر لنجاح الاتفاق هو خروقات إيران، وليس الخطط السياسية للرئيس الأمريكي".

فعلا، يبدو أن الولايات المتحدة وإيران أصبحتا تلعبان أدوارا معكوسة: فعزلة إيران قبل الاتفاق يتناقض مع إصرار الولايات المتحدة على أن تسبح عكس التيار.

صدمة دولية

وأصيب بالإحباط إن لم نقل بصدمة أعضاء خطة العمل الشاملة المشتركة، بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين. حيث كان زعماء هذه الدول قد أكدت من جديد التزامها القوي بالاتفاق.

وبالمقابل، أكد مسؤولون أمريكيون إصرار الإدارة الأمريكية على أن تتحكم إلى الأبد في «الطموحات النووية لإيران" وأن تضع قيودا على برنامج الصواريخ الباليستية التابع لها وأن تقلص تأثيرها على المستوى الإقليمي.

عقوبات قاسية

وتهدف الولايات المتحدة الأمريكية من خلال المرحلة الأخيرة للعقوبات البادئة في 4 نوفمبر / تشرين الثاني 2018 (تزامنا مع الذكرى الـ 37 لحادث اختطاف ديبلوماسيين وموظفين في السفارة الأمريكية في طهران عام 1979) إلى التقليص من صادرات إيران من النفط حتى تصل إلى "مستوى الصفر".

ونظرا للتاريخ الطويل للعقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، يبقى السؤال المطروح الآن هو ما إذا كانت إيران مستعدة هذه المرة لتغيير نظامها أو تصرفاتها بشكل فعال.

إشتعال الغاز على منصة إنتاج النفط في حقل سوروش للنفط وعلى المنصة العلم الإيراني. (photo: Reuters/R. Homavandi)
الوضع الفعلي وليس الوضع الشرعي للعقوبات هو الذي يحدد مدى فعاليتها: "رغم أن النظام الأمريكي للعقوبات يَعِد بالمزيد من القساوة، فهو ليس مدعما من قبل قرارات مجلس الأمن للأمم المتحدة، وبالتالي فهو يفتقر إلى الشرعية الدولية. وهذا يعني أن عزلة إيران ستكون بعيدة كل البعد من أن تكون كاملة نظرا لإعلان الشركاء التجاريين الرئيسيين، بما في ذلك الصين وتركيا موافقتهم على العقوبات "الشرعية" فقط. لكن الوضع الفعلي وليس الوضع الشرعي لهذه العقوبات هو الذي سيحدد مدى فعاليتها. وهذا ينطبق بالخصوص على الشركات الأوروبية التي ستقرر أخيرا بشأن نتيجة المعركة من أجل عقوبات ثانوية وفقا لمصالح المساهمين فيها بدلا من الخطط السياسية لحكوماتها. وهذا يفسر الكم الكبير من صادرات إيران التي أعلنتها شركات كبرى. وفي عالم مترابط حيث يتمدد ويتوسع تأثير الاقتصاد الأمريكي، من الصعب حتى بالنسبة للشركات الأوروبية ... أن تثير غضب المسؤولين في الخزانة الأمريكية. وهذا يعني أنه من الأرجح أن يعتمد نجاح هذه العقوبات في الأخير على كيفية تعامل الآخرين معها بقدر تعامل إيران نفسها معها"، كما يرى حسن حكيميان.

وكانت آخر مرة دنت فيها صادرات إيران من النفط إلى مستويات منخفضة جراء مقاطعة اقتصادية كثيفة هي منتصف القرن العشرين، عندما أمّم محمد مصدق، رئيس الوزراء الإيراني الذي انتخب من طرف الشعب، صناعة النفط، حيث أدى حصار النفط الإيراني بقيادة بريطانيا إلى توقف صناعة النفط، وزعزعة الاقتصاد، كما مهدت الطريق للانقلاب الذي كان وراءه بريطانيا وأمريكا والذي أعاد الشاه إلى السلطة عام 1953.

وبعد هذه السنوات المضطربة، انتظرت وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت نصف قرن لتعترف في عام 2000 أن الانقلاب الذي استهدف مصدّق كان "ضربة  ضد التقدم السياسي الإيراني" وسببا رئيسيا وراء "مواصلة العديد من الإيرانيين رفضهم للتدخل الأمريكي".

اقرأ أيضًا: مقالات مختارة من موقع قنطرة