السياسة والتراث

تناولت الفرقة العربية الوحيدة المشاركة في مهرجان الرور موضوع اعتداءات سبتمبر/أيلول والازدهار الذي شهدته مدينة سمرقند قبل قرون، وذلك بشكل استعراضات راقصة.

السياسة والتراث
فرقة وليد عوني تنال إعجاب زوار مهرجان الرور في ألمانيا

ُافتتحت في مدينة ريكلنغهاوزن الألمانية الدورة الثالثة عشرة من المهرجان الفني الأوربي لمنطقة الرور الألمانية والذي تستمر فعالياته حتى منتصف يونيو، وتشارك فيه ثماني دول تقدم حوالي عشرين عرضا فنيا، تتنوع ما بين المسرح والموسيقى والعروض الراقصة. والدول المشاركة هي إيطاليا وفرنسا وإسبانيا واليونان والبرتغال ولوكسمبورغ وألمانيا، بالإضافة إلى مصر، وهي الدولة الوحيدة غير الأوربية المشاركة في مهرجان الرور.

ويغلب على مهرجان هذا العام الطابع السياسي، وكما يتجلى من الشعار-التساؤل: "عالم أفضل؟" في كتيب المهرجان يتساءل مديره هانز غونتر هايمه: "هل أصبح عالمنا أفضل بعد الهجوم المسلح على أفغانستان؟ وهل سيصبح العالم أفضل بعد الحملة التي شُنت على العراق؟" تبدو عروض فرقة الرقص الحديث المصرية بقيادة الفنان اللبناني وليد عوني وكأنها محاولة للرد على تلك الأسئلة. قدمت الفرقة أربعة ليال راقصة شهدت إقبالا جماهيريا كاسحا لم يبق مقعد شاغر في المسرح الكبير، وقدم خلالها وليد عوني عرضين: الأول بعنوان "تحت الأرض"، أما الثاني فهو "أسرار سمرقند".

يتناول عوني في "تحت الأرض" أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول وظاهرة الإرهاب، كما يلمح إلى الحرب على العراق. ويظهر الراقصون معظم الوقت تحت قماشة كبيرة خضراء ترمز إلى الأرض، التي يعيش الإرهابيون تحتها. ولم تظهر من الراقصين سوى أيديهم التي ترفع في آخر العرض نماذج ورقية لناطحات سحاب، تُلقى عليها طائرات ورقية من جانب المسرح، وفي المشهد الختامي تهبط السكاكين من أعلى المسرح بينما تغطي أشلاء الجثث أرضيته، ثم يتردد صوت فيروز قائلا: "ما في حدا".

أما "أسرار سمرقند" فلعلها كانت أكثر جاذبيةً للجمهور الألماني، بأجوائها الشرقية الغرائبية، وبموسيقاها التي مزجت نغمات الشرق بالغرب والتي وضعها طارق شرارة. في "سمرقند" يستلهم مصمم الرقصات ومخرج العرض وليد عوني تاريخ هذا البلد الذي كان عبر القرون ملتقى لحضارات وثقافات مختلفة، بدءا من الحضارة اليونانية، والذي شهد أوج ازدهاره بعد الفتح الإسلامي في القرنين السابع والثامن. ويقول عوني: "على امتداد طريق الحرير توقفت عند سمرقند لاستكشف تاريخها وعالمها، فوجدت نفسي أمام بوابة كبيرة تصارع التاريخ منذ ألف وخمسمائة سنة" ويتوقف عوني خاصة عند الشاعر عمر الخيام الذي عاش في سمرقند وكتب فيها رباعياته المشهورة. ويرافق رقصات عوني صوت سميحة أيوب التي تروي بعضا من تاريخ هذا البلد الذي كان بوتقة حقيقية للثقافات والحضارات، والذي قد تكون تجربته مُلهمة للفنانين الباحثين عن "عالم أفضل".

سمير جريس، دويتشه فيلله، يونيو/حزيران 2003