عودة آل غاندي إلى المسرح السياسي الهندي

السياسي المعارض الهندي راهول غاندي.
السياسي المعارض الهندي راهول غاندي.

بدا وكأن بإمكان رئيس الوزراء مودي خوض انتخابات 2024 بلا معارضة كبيرة لكن المحكمة العليا فتحت الطريق أمام راهول غاندي للعودة إلى السياسة. فهل تستغل المعارضة الهندية هذا التعزيز؟ تحليل آرنه بيراس.

الكاتبة ، الكاتب: Arne Perras

نثرت واحدة من أنصار راهول غاندي الزهور الوردية على رأسه فرفع يده ليضعها على قلبه كتعبير عن شكره لها. لقد كان هذا اليوم جيدًا بالنسبة لهذا المعارض الهندي البارز، مثلما تظهر الصور والمقاطع القادمة من الهند. كان لدى راهول غاندي سبب للاحتفال في يوم الجمعة الرابع من آب/أغسطس 2023 وذلك بعد جميع الانتكاسات التي واجهها في الأشهر الماضية. فقد أصدرت في هذا اليوم المحكمة العليا قرارًا مهَّد الطريق لعودة السياسي الهندي الشاب ذي الثلاثة وخمسين عامًا إلى المسرح السياسي.

وللتذكير: سارت الأمور في شهر آذار/مارس 2023 بشكل سيِّئ جدًا بالنسبة للسياسي راهول غاندي عندما حُكم عليه بالسجن لمدة سنتين كحد أقصى في قضية قذف وتشهير.

وكان القضاة حينها يحكمون في دعوى قضائية اتُهم فيها زعيم المعارضة راهول غاندي بإهانة اسم ناريندا مودي في خطاب ألقاه خلال حملته الانتخابية في عام 2019. ونتيجة لذلك خسر راهول غاندي مقعده في البرلمان وخسر بذلك أيضًا دوره كواحد من السياسيين المعارضين البارزين الذين من شأنهم تحدي ناريندا مودي في انتخابات عام 2024.

 

احتجاجات أنصار راهول غاندي على استبعاده من البرلمان. Proteste von Anhängern Gandhis gegen seinen Ausschluss aus dem Parlament; Bikas Das/AP Photo/picture alliance
Proteste von Anhängern Rahul Gandhis gegen seinen Ausschluss aus dem Parlament: Im März war Gandhi in einem Beleidigungsverfahren zur Maximalstrafe von zwei Jahren Haft verurteilt worden war. Die Richter befanden damals über eine Klage, die dem Oppositionellen vorwarf, in einer Wahlkampfrede 2019 den Namen Modi verunglimpft zu haben. Gandhi verlor dadurch seinen Sitz im Parlament und somit auch seine Rolle als einer der führenden Oppositionspolitiker, die Modi bei der Wahl 2024 herausfordern werden. 

 

والآن أوقفت المحكمة العليا في الهند هذا الحكم المثير للجدل موضحةً أنَّ قضاة المحكمة الابتدائية لم يُبرِّروا بما فيه الكفاية العقوبة القصوى بحقّ راهول غاندي. وبات يجب الآن مراجعة الحكم من جديد. وحتى ذلك الحين لا توجد أية موانع قانونية تقف في طريق عودة راهول غاندي إلى مجلس الشعب الهندي "لوك سابها".

وقد أعلن زعيم حزب المؤتمر في مجلس النواب -أدير رانجان تشودري- عن أنَّه سيُقدِّم في يوم الجمعة (الرابع من آب/أغسطس 2023) طلبًا لإلغاء استبعاد راهول غاندي على الفور من البرلمان. وفي حال عدم وجود أية اعتراضات أخرى فمن الممكن أن يشغل راهول غاندي مقعده من جديد كنائب في البرلمان يوم الإثنين السابع من آب/أغسطس 2023.

وقرار قضاة المحكمة العليا له أهمية كبيرة بالنسبة للهند، وذلك لأنَّ استبعاد راهول غاندي بشكل دائم عن العمل السياسي كان سيعني أيضًا منعه من خوض الانتخابات الوطنية في العام القادم 2024.

لقد أثار الحكم الصادر بتهمة القذف والتشهير نقاشات ساخنة في جميع أنحاء الهند - حول حرية التعبير السياسي في دولة ديمقراطية وكذلك حول اتهامات بتعرُّض المعارضة للترويض من دون داعٍ.

ولم يكن رئيس الوزراء ناريندرا مودي -الذي يهيمن حزبه بهاراتيا جاناتا على المشهد السياسي في الهند- سيواجه في الانتخابات أي معارضين يستحقون الذكر في حال استبعاد راهول غاندي عن العمل السياسي.

ومع ذلك من غير المؤكَّد على الإطلاق ما مدى الثقل السياسي الذي يمكن أن يطوِّره حفيد سلالة غاندي الأسطورية من أجل تحدي رئيس الوزراء الحالي ناريندا مودي.

يجب على المعارضة الاتحاد لمنافسة حزب بهاراتيا جاناتا

يتَّفق معظم المحللين على أنَّ المعارضة الهندية لن تحظى بأية فرصة من أجل منافسة آلة حزب ناريندا مودي إلَّا في حال اتحادها ضد معسكر رئيس الوزراء. وقد شكَّل قبل ثلاثة أسابيع (من كتابة هذا المقال) أكثر من عشرين حزبا تحالفًا من أجل هذا الهدف.

 

— Mallikarjun Kharge (@kharge) August 7, 2023

 

ولكن يبقى السؤال عن مدى قوة هذا التحالف وإن كان بإمكانه أن يواجه بما فيه الكفاية شعبية ناريندا مودي الكبيرة سؤالًا مفتوحًا. غير أنَّ ارتفاع الأسعار وتزايد نسبة البطالة في الهند يجعلان على الأقل من السهل بالنسبة للمعارضة مواجهة الحكومة على هذه الجبهات.

لقد انفجر أنصار حزب المؤتمر مبتهجين في هتافات صاخبة عندما أعلنت المحكمة العليا قرارها. وكتب راهول غاندي على موقع إكس X (المعروف سابقًا باسم تويتر Twitter): "ليس مهمًا ما قد يحدث فمهمتي تظل هي نفسها: حماية فكرة الهند".

وبذلك فإنَّه يدخل المعترك السياسي في دور إيديولوجي باعتباره وَصِيّـًا على الأمة؛ علمًا بأنَّ حزبه -حزب المؤتمر الوطني الهندي- كان قد لعب بالفعل حتى قبل الاستقلال دورًا بارزًا في السياسة الهندية وقد وسَّع هذا الدور أكثر بعد انسحاب البريطانيين وجلائهم في عام 1947؛ والسياسي راهول غاندي يريد البناء على هذا الأساس.

جده الأكبر مؤسِّس الدولة جواهر لال نهرو

لقد كبرت على مرِّ العقود عائلة نهرو غاندي (التي تشترك في الاسم فقط مع المهاتما غاندي ولكن لا توجد بينهما صلة قرابة) لتتحوَّل إلى السلالة السياسية الحاسمة في الهند: وراهول غاندي هو حفيد إنديرا غاندي وابن راجيف غاندي وجده الأكبر هو مؤسِّس الدولة جواهر لال نهرو.

اتبع دائمًا حزب المؤتمر الوطني الهندي بزعامة آل غاندي سياسةً علمانية تتوافق أيضًا مع روح الدستور الهندي. وهذه هي روح الأمة الهندية التي يسعى للدفاع عنها أيضًا تحالفُ الأحزاب ضدَّ ناريندا مودي وحزبه ذي النزعة الدينية.

 

 

وعندما يتحدَّث راهول غاندي الآن عن "فكرة الهند" فهو يحاول هكذا إحياء رؤية نظام حكم سياسي تعدُّدي كما تصوَّره الآباء المؤسِّسون - بمن فيهم جده الأكبر جواهر لال نهرو.

وسياسيُ حزب المؤتمر الوطني الهندي -راهول غاندي- وضع هذا الأمر عن وعي لمواجهة مفهوم الدولة الذي يراه مجسَّدًا في رئيس الوزراء ناريندا مودي وحركته القومية الهندوسية.

تعتمد قاعدة حزب ناريندا مودي بشكل كبير على الهوية القومية والدينية التي تضع الهندوس في مكان الصدارة، مما يؤدِّي إلى جعل الأقليات الدينية تشعر بعزلة متزايدية. ولذلك تشتكي الأقليات من أنَّ الحكومة تدفع الهيمنة الهندوسية إلى الأمام على حساب جميع الأقليات الأخرى بدلًا من حماية الأقليات.

 

 

آرنه بيراس

ترجمة: رائد الباش

حقوق النشر: زود دويتشه تسايتونغ / موقع قنطرة 2023

ar.Qantara.de