الدكتور عبدالهادي العلمي، 1 مارس/آذار 2005

الجريمة والفساد في العالم العربي:

نستطيع القول بأن الجماعات الإرهابية الدينية، وبكل مسمياتها تمكنت من خلخلة الوضع الأمني في البلاد العربية وعاثت فساداً وتخريباً بوسائل عديدة، وكان من بين أهم الوسائل المستخدمة وأسوأها استغلالهم للدين لمآربهم اللعينة، وربطهم لرذيلتهم وعدوانهم باسم الدين والتدين، فانطلت هذه العبارات الإيمانية والدينية على بعضهم، من خلال غسيل الدماغ، وترديد العبارات التكفيرية واخراج الكفار من بلاد المسلمين، وغيرها.

إن الارهابين باتوا مدمنين على القتل، ويستخدمون كل الوسائل لتحقيق ذلك، فهم كمدمني المخدرات لا يتمكنون من العيش دون قتل وسفك للدماء.

ولا بد من التنويه وتحذير الحكومات التي شنت حربها على الإرهابيين، بالتصدي لإرهابهم الاجتماعي الداخلي للحاق بالأمر وقبل فوات الأوان، وقبل أن تفقد هذه الحكومات السيطرة الكاملة على الشارع، ويصبح الناس مضطرين للدفاع عن أنفسهم دفاعاً ذاتياً، ولحماية أعراضهم، وهنا تدخل هذه الدول في متاهات، قد تكون أكثر ضراوة من الإرهاب العسكري نفسه.

ويلي الجريمة الاجتماعية التي اختلقها الارهابيون العسكريين، ظاهرة لا تقل خطورة وتفشياً في المجتمعات العربية قاطبة، وهي الفساد الإداري المستفحل، وما تجنينه تلك الإدارات الفاسدة من مكاسب جراء حصولها على الأموال من وراء الرشوة والإختلاسات والسرقات، مما جعل الناس يدفعون مكرهون، وهم يتلبسون ثوب الوظيفة، وباسم الوزير والسلطان.

والإنسان العادي مضطر للدفع لهم، لكي لا تتعطل مصالحه ومطالبه الأساسية كحاجته للكهرباء والماء والهاتف والشارع وترخيص البناء، والمستفيد الأول والأخير هو ذلك الفاسد القابع في مكتب الوظيفة، وتشمل رئيس البلدية والأمناء والوزراء وحكام الولايات، ولم يعد الأمر خافياً على أحد، ولم تقتصر تلك الرشوات في ولاية دون أخرى، وللوصول إلى هذه الحقيقة لا بد من الاستماع لصوت الجماهير ومعاناتهم الحقيقية من فساد الجزارين الفاسدون.