أكثر حرائق غابات تركيا فتكا منذ عقود تقتل بضعة أشخاص وآلاف الحيوانات وتهدد محطة كهرباء

مزارعون أتراك يشاهدون قطعانهم تحترق في ألسنة اللهب: يروي مولود تاريم 03 / 08 / 2021 أن النيران العنيفة التي دَّمرت مزرعته في حصار أونو وقتلت ثمانية أشخاص وأتت على مساحات شاسعة من تركيا، كانت مماثلة لانفجار قنبلة.

يقول الرجل البالغ 67 عاما لوكالة فرانس برس "نشب الحريق في لحظة" مضيفا أنه تمكّن من إنقاذ بعض حيواناته من الحريق الذي تسبب بدخان أسود كثيف أحاط بمزرعته.

ويضيف أنه كان محظوظا هو أيضا كونه بقي على قيد الحياة.

ويتابع "احترقت إحدى أبقاري ونفقت. لم أرَ شيئا مماثلا في حياتي. لا يمكنكم حتى تسميته حريقا. لقد كان كالقنبلة".

تتشابه قصة تاريم مع قصص مزارعين آخرين، فيما تستعر أكثر الحرائق فتكا وتدميرا منذ أجيال، عبر الساحل الجنوبي لتركيا لليوم السابع.

نفقت آلاف حيوانات في المزارع واستحالت أجزاء كبيرة من الغابات المورقة التي تغطي التلال والهضاب، هياكل ورمادا.

يحاول المزارعون المتضررون توجيه قطعانهم نحو أماكن آمنة نسبيا في سواحل بحر إيجه والبحر الأبيض المتوسط.

لكنّ توجيه الحيوانات المذعورة أمر صعب ولا يمكن التنبؤ بالرياح التي تغذي ألسنة اللهب من حولها.

كما أن الإطفائيين المنهكين الذين يحاولون السيطرة على الحرائق بالخراطيم وعبر إلقاء مياه البحر من مروحيات، لا يمكنهم دائما الوصول في الوقت المناسب لمساعدة مزارعين مثل تاريم.

لميس سابير هو وكيل تأمين محلي شعر بأن من واجبه البقاء وتقديم المساعدة بأي طريقة.

ويقول الرجل البالغ 44 عاما "لم أشعر بأنني أريد الهرب. سنفعل ما بوسعنا للمساعدة".

وانتشرت على الشبكات الاجتماعية التركية صور سكان محليين شجعان يحاولون إطفاء الحرائق بما لديهم، من أباريق ري الحدائق إلى أغصان الأشجار.

ويضيف سابير أن بلدة حصار أونو المحترقة المطلة على بحر إيجه، تلقت تعزيزات من مناطق أخرى.

ويوضح "لكن بسبب ارتفاعات الجبال، وهي شديدة الانحدار، والغابات الكثيفة، لا يستطيع الإطفائيون التدخل".

ويشير إلى أن "التعزيزات الجوية ليست فاعلة بما يكفي. هناك حرائق مشتعلة في العديد من الأماكن في تركيا حاليا ولا يمكننا مكافحتها كلها".

وأثار رد تركيا على الكارثة فضيحة سياسية زادت من الضغط على الرئيس رجب طيب إردوغان.

وتتّهم المعارضة الرئيس التركي بالبطء الشديد في قبول عروض المساعدة الخارجية، بما فيها من اليونان، العدو الإقليمي، والفشل في صيانة طائرات مكافحة الحرائق كما يجب.

ورد مكتب إردوغان على ذلك بالقول إن قوة الإنقاذ الطارئة بأكملها حشدت بالكامل لأيام واصفا الادعاءات بسوء الإدارة بأنها "أخبار مضللة" تهدف إلى جعل تركيا تبدو ضعيفة.

ويقول ياسمين أكايا، وهو مدير متجر محلي، إن "هذا ليس الوقت المناسب لممارسة السياسة أو إثارة جدل حول القوة الجيوستراتيجية لتركيا".

ويضيف "نحن بلد قوي. شعبنا قوي. لكن المياه مقطوعة لدي في المنزل. هل نحتاج إلى المياه؟ نعم، لأن مساحة الحرائق كبيرة جدا".

ويهز تاريم برأسه وهو يعاين الأضرار ويقول "انظروا حولكم. إنها كارثة. نحن محظوظون لأننا على قيد الحياة".

حرائق غابات ضخمة تتسارع باتجاه محطة طاقة حرارية في تركيا

وتسارع حريق هائل باتجاه محطة حرارية لتوليد الكهرباء في تركيا الثلاثاء 03 / 08 / 2021 فيما عمل مزارعون على جمع قطعان الماشية المذعورة وسحبها باتجاه الشاطىء، مع استمرار موجة الحرائق التي أوقعت ثمانية قتلى لليوم السابع.

وتواجه البلاد، التي يبلغ عدد سكانها 84 مليون نسمة، الحرائق الأكثر فتكا منذ عقود، وقد قضت على مساحات واسعة من الغابات والأراضي الزراعية الغنية الممتدة على سواحل البحر الأبيض المتوسط وبحر إيجه.

واضطر سياح خائفون إلى الهروب من الفنادق والمنتجعات على متن قوارب بحثاً عن الأمان، تزامناً مع إخلاء عشرات القرى، بعدما أدت الرياح العاتية والحرارة المرتفعة إلى تمدّد ألسنة اللهب بسرعة.

وشاهد فريق وكالة فرانس برس في مدينة مرماريس الساحلية مزارعين انهمكوا في إنقاذ المواشي من حظائر محترقة وعملوا على دفعها باتجاه الشاطئ الآمن نسبياً.

وتتزامن الحرائق مع سيطرة موجة قيظ قياسية على جنوب شرق أوروبا، يربطها مسؤولون في دولة اليونان المجاورة، حيث اندلع حريقان صغيران، بعامل تغير المناخ.

وأدى ارتفاع درجات الحرارة، التي تجاوزت 40 درجة مئوية في جنوب تركيا، إلى زيادة الضغط بشكل غير مسبوق على التيار الكهربائي، ما تسبب بانقطاعه يوم الإثنين في مدن كبرى بينها أنقرة وإسطنبول.

وربطت وزارة الطاقة انقطاع الكهرباء بعوامل شبيهة بالجفاف الذي أدى الى انخفاض مستوى المياه في السدود المسؤولة عن توليد الطاقة و"معدل قياسي" في الاستهلاك جراء ارتفاع درجات الحرارة.

وأبدى رئيس بلدية مدينة ميلاس الساحلية قلقه إزاء ما قد يحصل في حال اندلاع حريق، من دون السيطرة عليه، وما قد يرتّبه من تصاعد لسحب الدخان في المنطقة حيث توجد محطة حرارية لتوليد الكهرباء.

ونشر رئيس بلدية ميلاس محمّد توكات سلسلة تغريدات تظهر تمدد الحرائق باتجاه موقع المحطة القائم على تلة. وقال في مقطع فيديو يظهر الحرائق "إنّه موقع مهم جدا".

وفي تغريدة أخرى نشرها بعد ساعة، كتب "وصلت النيران إلى المجمعات السكنية" موضحاً أن "تجاوز (النيران) لهذا التل يعني أن الحريق سيأخذ بعداً جديداً كلياً".

وتوكات عضو في أبرز أحزاب المعارضة في تركيا وواحد من مجموعة متزايدة من الأصوات المنتقدة لطريقة استجابة الرئيس رجب طيب إردوغان للكارثة.

وعرّضت تداعيات الكارثة إردوغان الذي يخوض انتخابات خلال عامين قد تؤدي إلى تمديد حكمه لعقد ثالث، إلى موجة انتقادات لاستجابته التي بدت بطيئة ومنفصلة عن الواقع.

وتعرّض كذلك لانتقادات شديدة خصوصاً نهاية الأسبوع لرميه أكياس الشاي للسكان أثناء قيامه بجولة في إحدى المناطق الأكثر تضررا فيما رافقه عدد كبير من عناصر الشرطة.

ويلجأ العديد من الأتراك إلى مواقع التواصل الاجتماعي لمعرفة الأخبار، منذ حملة القمع التي أعقبت محاولة انقلاب فاشلة ضد إردوغان عام 2016 وباتت معها قنوات التلفزيوني وكبرى الصحف تدور في فلك الحكومة.

وحذّر مدير الإعلام في الرئاسة التركية فخر الدين ألتون من أن "المعلومات المنتشرة على منصات التواصل الاجتماعي ومجموعات الرسائل السريعة والمنتديات هي أخبار مضللة" تهدف إلى إظهار تركيا في موقع ضعف.

وقال في تغريدة "لنعتمد رجاء على تصريحات السلطات الرسمية".

وأعلنت الحكومة في وقت متأخر يوم الإثنين سيطرتها على 145 حريقاً بينما ما زالت تتصدى لتسعة أخرى، في حين أفادت وزارتا الدفاع والداخلية عن إرسالهما تعزيزات من أجل مساعدة رجال الإطفاء.

قالت الشرطة إنها تعتزم استعمال خراطيم رش المياه المستخدمة لتفريق التظاهرات والتجمعات غير المصرّح بها. لكن رئيس بلدية ميلاس قال إن مناشداته السابقة للحصول على مساعدة من طائرات مكافحة الحرائق لم يتم الرد عليها.

ومع اقتراب الحريق من محطة الكهرباء، كتب على تويتر "كان من الواضح أن هذا سيحدث ... سأبكي غاضبًا". أ ف ب