
احتجاجات ضد قانون جنسية هندي ـ"تمييزي ضد المسلمين"ـمنح الجنسية الهندية على أساس الدين - اغتصاب لروح الهند
ها هما تنوُّع الهند وتراثها الحضاري المُعَقَّد يتعرَّضان لهجوم يهز أُسس الديمقراطية الهندية. قامت في شهر آب/أغسطس (2019) حكومةُ رئيس الوزراء ناريندرا مودي بتجريد منطقة جامو وكشمير - أي المنطقة الوحيدة ذات الأغلبية المسلمة في الهند - من وضعها الخاص، الذي كان يمنحها استقلالية كبيرة، وقسمتها إلى "إقليمين اتحاديين" باتت الحكومة المركزية تسطير عليهما بشكل أكثر مباشرة.
ومن أجل منع الاضطرابات فقد قامت الحكومة بنشر آلاف الجنود الإضافيين في جامو وكشمير قبل إعلانها عن التغييرات. ومن ثم وضعت تحت الإقامة الجبرية السياسيين المحليين البارزين، ومن بينهم أيضًا الحلفاءُ السابقون لحزب بهاراتيا جاناتا الحاكم، وفرضت حظر التجول على السكَّان، وقيَّدت حرِّية التنقُّل والسفر داخل المنطقة وإلى المناطق المجاورة، وفرضت كذلك حظرًا على وسائل الإعلام والاتِّصالات.
كشمير في حالة حصار
مضى على ذلك شهور ولا يزال معظم أهالي كشمير من دون إنترنت. وعلى الرغم من هذا التعتيم فإنَّ هناك تقارير متقطعة ترسم صورة قاتمة عن القمع من قبل القوَّات المسلحة الهندية. وبحسب ما تذكره التقارير فقد تعرَّض الكثير من المدنيين لإصابات خطيرة جراء تكتيكات السيطرة على الحشود (مثل استخدام الغاز المسيل للدموع وبنادق ضغط الهواء)، وتم سجن آلاف من السكَّان المحليين - من بينهم أيضًا أطفال تبدأ أعمارهم من تسعة أعوام.
ولكن مع ذلك، بدلًا من حمايتها حقوق المواطنين الكشميريين، فقد أجَّلت المحكمة العليا الهندية جلسات الاستماع الخاصة بدعاوى لها علاقة بذلك. أمَّا بالنسبة لبقية سكَّان الهند، فقد تجاهلوا أو قبلوا أو أشادوا بالهجوم على جامو وكشمير.
وفي ولاية آسام الشمالية الشرقية تنكشف أعمال وحشية أخرى. ففي شهر آب/أغسطس (2019)، نشرت السلطات السجل الوطني لمواطني هذه الولاية، الذي استبعد نحو مليوني شخص لم يتمكَّنوا من إثبات أنَّ أسماءهم أو أسماء آبائهم كانت مُسجَّلة في قوائم السجل الانتخابي قبل الرابع والعشرين من شهر آذار/مارس 1971. هذا تاريخ تعسُّفي يهدف في الأساس إلى تحديد المهاجرين المسلمين. وتم إرسال الكثير من هؤلاء الأشخاص عديمي الجنسية الآن إلى معسكرات اعتقال، يعيشون فيها في ظروف كارثية.
استهداف المسلمين والمهاجرين البنغاليين
لقد كشف مهندس هذا المشروع، وهو وزير الداخلية أميت شاه، عن أهدافه المعادية للأجانب من خلال وصفه هؤلاء الأشخاص - الذين وُلِدَ الكثيرون منهم في آسام أو تعيش عائلاتهم هناك منذ عقود - بـ"النمل الأبيض"، وهذا مصطلحه للمهاجرين غير النظاميين القادمين من بنغلاديش. وقد وعد أيضًا حكومة حزب بهاراتيا جاناتا "باعتقال المُتَسللين واحدًا تلو الآخر ورميهم في خليج البنغال".
وفي هذه القضية، شجَّعت المحكمة العليا الهندية هذه العملية ودعمتها بنشاط، بدلًا من معارضتها. تراقب المحكمة العليا الآن كيف تقوم حكومة حزب بهاراتيا جاناتا ببناء معسكرات اعتقال في جميع أنحاء الهند، استعدادًا لتنفيذ البرنامج في كلّ الهند - وهذه عملية من المحتمل أن تكون أكثر عدوانية ضدَّ المسلمين.

في حين يستهدف السجل المدني المسلمين بشكل ضمني، فقد أصبح أيضًا بعض الهندوس عرضة للخطر. ولذلك سعت الحكومة بجد ونشاط إلى إقرار تعديل جديد في قانون الجنسية، يمنح الحقَّ في الحصول على الجنسية الهندية للاجئين الهندوسيين واليانيين والبوذيين والسيخ والبارسيين (الزرادشتيين) والمسيحيين القادمين من أفغانستان وبنغلاديش وباكستان. ولكنه يستثني المسلمين.
وعلى الرغم من أنَّ مشروع قانون الجنسية غير دستوري بشكل صارخ، فقد تم اعتماده في كلّ من الـ"لوك سابها" (مجلس الشعب) ويبدو أنَّه يحظى بتأييد واسع لدى المواطنين -بالرغم من خروج احتجاجات متزايدة على مشروع هذا القانون- ثم تم الانتظار لتتم الموافقة عليه من قِبَل الـ"راجيا سابها" (مجلس الشيوخ) لكي يصبح قانونًا ساري المفعول. [خرجت مظاهرات حاشدة إلى الشوارع الهندية احتجاجاً على إقرار البرلمان لقانون الجنسية الجديد في 11 ديسمبر / كانون الأول 2019.]
إقصاء "الداليت"
لا يعتبر المسلمون المجموعةَ الوحيدة المعرَّضة للتمييز والعنف في الهند اليوم. فقد استهدف القوميون الهندوس أيضًا مجموعة الداليت المُهَمَّشين منذ زمن طويل، وهي المجموعة الأقل مرتبة في نظام الطبقات الصلب في الهند.
ففي عام 2016 وحده، تم الإبلاغ عن أكثر من أربعين ألف جريمة ارتُكبت ضدَّ أعضاء طبقات مجتمعية أدنى. ولكن مع ذلك فقد أثارت في العام الماضي (2018) المحكمةُ العليا الهندية احتجاجات كبيرة من خلال إضعافها قانون حماية المجموعات التابعة لطبقات منخفضة، المعروف باسم "قانون جدولة الطبقات وجدولة القبائل (الوقاية من الأعمال الوحشية)".