
"السبيليات" آخر روايات أبي الرواية الكويتية إسماعيل فهد إسماعيلحرب العراق وإيران بعيون امرأة بسيطة حكيمة
ينبغي على قرّاء النسخة الإنكليزية شكر صوفيا فاسالو على ترجمتها، وصوفيا فاسالو كانت في لجنة التحكيم التي اختارت رواية "السبيليات" للقائمة القصيرة للجائزة الدولية للرواية العربية "البوكر" لعام 2017. لسوء الحظ فإن الرواية -التي تُرجِمت إلى الإنكليزية بعنوان "العجوز والنهر"- لم تفز بالجائزة.
ولكن كعزاء، ترجمت فاسالو رواية فهد إلى إنكليزية ساحرة وحكيمة ساذجة في الوقت ذاته.
"الواحة الصحراوية" المذكورة هي السبيليات، وهي قرية قرب الحدود العراقية-الإيرانية حيث وُلِد الروائي في عام 1940. تبدأ الرواية في عام 1980 وعلى أهالي القرية إخلاء مساكنهم مع تصاعد وتيرة الحرب بين البلدين المتجاورين.

تغادر أم قاسم إلى المنفى على ظهر حمير مع بقية أفراد عائلتها الكبيرة: زوجها، وخمسة أبناء وبنات، وأزواج بناتها وزوجات أبنائها، وأحفادها وحفيداتها، وتسعة حمير. فينتقلون إلى النجف، التي، وفقاً لخرائط غوغل، تبعد حوالي 85 ساعة سيراً على الأقدام. يموت زوج أم قاسم بشكل غير متوقع خلال الرحلة ويدفنه الأبناء على جانب الطريق، بين نخلتين.
أم قاسم تهوم. نعم، هي تحب أبناءها وبناتها، ويبدو أن لهم أزواجاً وزوجات مناسبين. والأحفاد لطيفون بما فيه الكفاية. في البداية، تعيش العائلة في عشش في النجف. بيد أنهم سرعان ما يُؤجِّرون حميرهم التسعة ويصنعون لأنفسهم حياة جديدة في المدينة المقدسة.
يقف أبناء أم قاسم على أرجلهم وتتحسن أمورهم. بيد أن الأمور لا تسير بالشكل ذاته لأم قاسم، التي تشعر بالعطالة [زائدة عن الحاجة] في هذه البيئة الجديدة. لا حديقة، لا شريك حياة، لا قرية. ما هي حتى ... من أجل ماذا؟
أم قاسم بهيئة "دون كيشوت"
إذاً تقرّر أم قاسم الاستيقاظ قبل الفجر والهرب مع حمار يُدعى "قدم خير" [فأل خير]، وهو في الوقت ذاته جوادها وسانشو بانزا الخاص بها [شخصية من شخصيات دون كيشوت (أو دون كيخوتي) ترافق البطل وتُعلّق]. تمتطي أم قاسم قدم خير، وتتفادى الدوريات العسكرية ونظرات الاستجواب، عبر الطريق الذي يعود إلى الموقع الذي دفنوا فيه زوجها، أبو قاسم.
هنا حيث يلحق أبناء أم قاسم بها. لكن بدلاً من أن تُسحب من ذراعها إلى المنزل، تزعم أم قاسم أن زوجها أتاها في حلم، وأن أمنيته الأخيرة أن يستعيدوا رفاته ويدفنوه حيث وُلِد، في قرية السبيليات.
سرعان ما عادت إلى امتطاء قدم خير واتجهت إلى قريتها، متفادية الدوريات العسكرية، مع عظام زوجها ملفوفة في قماش كفنه. في البداية، يصعب التصديق أن أبناءها سيسمحون لها بالرحيل. ولكن بعد ذلك، ندرك أنهم بالتأكيد يعرفون أم قاسم أفضل مما نعرفها نحن. كانوا يعرفون أنه لا توجد وسيلة لإيقافها.
أما أم قاسم مع قدم خير، فيتمكنان من العودة إلى القرية. وهناك، هي تنتهك أوامر نظام عسكري صارم، بيد أن الملازم عبد الكريم ليس نداً لأم قاسم، التي تحصل على إذن للبقاء في القرية من خلال عيد نوروز، إذ أن العطلة قد سبّبت وقف إطلاق نار.
وأم قاسم ليست متأكدة تماماً مما يجب القيام به بمجرد مرور النوروز، بيد أنها ليست من النوع الذي يركّز بلا ضرورة في المستقبل. بدلاً من ذلك، تنظر حولها وترى ما الذي ينبغي فعله. رُدِمت مداخل الأنهار الفرعية كإجراء وقائي ضد الضفادع البشرية، مما يعني أن الأشجار تموت وأن الضفادع على وشك الجفاف.