النظام القضائي في تركيا بعد الانقلاب الفاشل
تويتر - ملجأ الأتراك لدفع القضاء إلى تحقيق العدالة

بالنسبة لأتراك يَحِنُّون إلى العدالة تحوَّل موقع تويتر إلى ما يشبه محكمة يديرها الشعب خاصةً في قضايا عنف ضد النساء وتعذيب للحيوان. وصارت وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة ضغط شعبية أخيرة على القضاء كي لا يفلت جناة من العقاب. لكن تويتر قد يكون سلاحاً ذا حدين. الصحفية عائشة كارابات والتفاصيل من إسطنبول لموقع قنطرة.

في تركيا تتحولُ وسائلُ التواصلِ الاجتماعي بشكلٍ متزايدٍ إلى منتدى قانوني في ظلِّ وجودِ مستخدمين يسعون إلى العدالةِ بشكلٍ يومي. إذ يوجدُ يومياً هاشتاغ يُطالبُ باعتقالِ أحدهم أو الإفراجِ عن آخر، في حين يتصدّرُ اسم الشخصِ أو هاشتاغ الحملة قائمة تويتر الأكثر رواجاً. وتتكررُ بشكل خاص دعوات المطالبة بالعدالةِ في حالات العنفِ ضد النساءِ وحقوق الحيوان. وإضافة إلى ذلك فإنّ هذه القضايا كثيراً ما تلقى مصيرَ الإهمالِ في النظام القضائي الفعلي في البلدِ من دون هاشتاغ قوي يدعمها.

من بين القضايا المعروفة قضية (شولِه تشيت)، وهي طالبةٌ في الـ 23 من عمرها كان مصيرها في أيار/مايو من عام 2018 السقوط من الطابق العشرين في مبنى عالٍ في العاصمةِ أنقرة وتُوفيت. وقد أفادت التقاريرُ في البدايةِ أنّ الحادثة هي انتحارٌ. وسرعان ما أطلقت الشرطةُ -بعد مدةٍ قصيرةٍ من ذلك- سراحَ مديرها وصديقه، اللذين كانا آخر من شُوهِدَا معها في المبنى، وقد أفادت الشرطةُ بـ "عدمِ كفايةِ الأدلةِ" على تورطهما.

وسُجِن المشتبه بهما في نهايةِ المطافِ بعد عدةِ أشهر، بيد أنّ ذلك لم يحصل إلا بعدَ أن أطلقَ أصدقاء شولِه تشيت وعائلتها حملةً قويةً على وسائلِ التواصلِ الاجتماعي تطالبُ بالتحقيقِ في وفاتها. وأصبحت قضيتها قضيةً مشهورةً. ومع حصدِ هاشتاغ العدالة لشوله تشيت (SuleCetIcinAdalet#) لأكثر من 307 ألف تغريدةٍ، قرّرَ القضاءُ أخيراً أخذ القضيةِ على محملِ الجدِّ. وبعد عامٍ من وفاتها، حكمت المحكمةُ بالسجنِ المؤبدِ على واحدٍ من المشتبه بهما، في حين حصلَ الثاني على حكمٍ بالسجن لمدةِ 18 عاماً و9 أشهر.

 

 

ومن الحوادثِ الأخرى التي أثارت غضباً عاماً، وأشعلت تويتر، فيديو لزوجين يهاجمهما رجلان بينما هما في سيارتهما على الطريقِ السريعِ في اسطنبول في العامِ الماضي 2019. يُظهِرُ الفيديو الرجلين -اللذين اتّضح أنهما أَخَوَان وصاحبا محل بقلاوة- يكسران المرآة الجانبية للسيارةِ ويتسلّقان غطاء مقدمتها، على الرغم من أنّ المرأة قالت مراراً وتكراراً إنها حامل.

وقد أدى سيلُ ردود الفعلِ ضدهما (إذ نُشِرت أكثر من 50 ألف تغريدة بهاشتاغ (الشقيقان صانعا البقلاوة) (BaklavaciKardesler#) مطالبةً باعتقالهما) إلى لحاقِ الشرطة بالجانيين واعتقالهما. وحُكِمَ عليهما بالسجن لمدة أربع سنواتٍ.

لا تزالُ العدالة للحيوانات الشاردة موضوعاً غير منظمٍ

يثيرُ العنفُ ضدّ الحيوانات غضبَ العديد من الأتراك، بما في ذلك السياسيين والوزراء. وربما كانت أبرز قضية عنف ضد الحيوانات في عام 2018، حين ظهرت صورة لجرو قُطِعت أقدامه الأربعة وذنبه وانتشرت على وسائلِ التواصلِ الاجتماعي، مسبّبةً غضباً جماعياً، حتى أنّ الرئيسَ التركي رجب طيب إردوغان نشر تغريدةً حول الموضوعِ.

فقد كُتِبَ إردوغان في تغريدةٍ له في حزيران/يونيو من عام 2018: "الحيوانات ليست ملكية، إنها كائنات حية. ولقد عهد الله إلينا بها. لقد أصدرتُ تعليمات لتسليطِ الضوءِ على هذه الحادثةِ...التي آلمتنا بشكلٍ كبيرٍ".

 

 
 

وما أن نُشِرت تغريدته حتى اعتُقِلَ مشتبه به. بيد أنّه ما أن تحوّلَ انتباه مستخدمي تويتر إلى قضايا أخرى، حتى أُطلِقَ سراحه بعد ثمانية أيامٍ فقط من الحجزِ. ولم يُثبَت إنْ كان هذا الشخصُ مسؤولاً حقاً عن إساءةِ معاملةِ الحيوان، ولكن حتى وإن كان قد قامَ بذلك فقد كان سيخرجُ بلا عقابٍ، لأنّ الحيوانات الشاردةَ غير محميةٍ بموجبِ القانونِ في تركيا. وفي أغلبِ حالات إساءة معاملةِ الحيواناتِ، يمكن أن يكون العثورُ على الجناةِ أمراً بالغَ الصعوبةِ.

وقد كان مشروعُ قانونِ حمايةِ الحيواناتِ الشاردةِ على أجندةِ البرلمانِ منذ عام 2012، ولكن إلى الآن لا توجدُ أي متابعةٍ للموضوعِ.

انعدامُ الثقةِ بالقضاءِ

عادةً ما يلجأ الناس إلى وسائلِ التواصلِ الاجتماعي حين يبدو أنّ القانون يخذلهم، وذلك من أجل دعمِ قضايا يظنون أنّها تتطلّبُ اهتماماً. في عام 2019، علّق نائبُ الرئيس التركي (فؤاد أوقطاي) قائلاً إنّ 38 بالمئة فقط من السكّان يثقون بالقضاءِ.

اقرأ أيضًا: مقالات مختارة من موقع قنطرة