
حقوق الإنسان في مصر إطلاق سراح وهمي في مصر - معتقلون رغم الإفراج عنهم
قبل فجر يوم 11 أيار/ مايو 2018، تغيرت حياة أمل فتحي وزوجها محمد لطفي إلى الأبد. بينما كانت أمل تقوم بتحضير صغيرها للنوم، قرع جرس الباب فهمّ زوجها محمد لطفي للإجابة.
وعلى الجانب الآخر، وقف ضابط أمن بملابس مدنية إلى جانب مجموعة من القوات الخاصة المقنعة والمدججة بالسلاح. سمح لهم لطفي بالدخول ودعاهم للجلوس.
بينما كان لطفي يعمل على توثيق انتهاكات حقوق الإنسان مع منظمته "اللجنة المصرية للحقوق والحريات" كان الخطر يحيط بأمل، على الرغم من أنها لم تفعل شيئاً أكثر من تحميل مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تدين عبره التحرش الجنسي الذي تعرضت له خلال زيارتها إلى مصرف.
كان شريط الفيديو قد انتشر بشكل جنوني على شبكات التواصل الاجتماعي، وبدأت بعد ذلك الشائعات والاتهامات المسيئة حول الممثلة والناشطة أمل فتحي بالتداول في وسائل الإعلام المحلية الموالية للحكومة.
ومع ذلك، قال لطفي "لم أتوقع أن يتم القبض عليها". عندما طلب الضباط أن يأتي الزوجان إلى مركز الشرطة المحلي، وجدوا عشرات آخرين من القوات الخاصة المقنعة والمسلحة بانتظارهم خارج المبنى في مشهد بدا وكأنهم يتأهبون للقبض على مجرمين خطرين.
"لا نعرف أي جماعة إرهابية"
اعتقلت أمل على ذمة التحقيق، حيث وُجهت إليها تهمتان: الأولى بنشر أخبار كاذبة، وتقويض الأمن القومي ونشر "فيديو غير لائق بألفاظ مسيئة"، والثانية، رفعتها النيابة العامة للأمن القومي في مصر، عن الانتماء لجماعة إرهابية.

وقال لطفي: "لا نعرف أي جماعة إرهابية أو مجموعة يقصدون ولا نعرف ما هي الأدلة ضدها - ليس لدينا حق الاطلاع على ملف القضية. لا نعرف حتى إذا كان الأمر يتعلق بالفيديو أو بشيء آخر".
اعتقال أمل عبارة عن عقوبة لها ولعائلتها على حد سواء، وروى لطفي: "لمدة 3 أشهر تقريباً، لم أكن على سجيتي"، وتابع: "لم أستطع البقاء جالساً لمدة ساعة متواصلة. كنت شديد القلق والعصبية. وكنت أحاول دائماً صرف انتباهي عن التفكير باحتجاز زوجتي وعجزي عن تحريرها. كما كان لذلك الأثر البالغ على علاقتي مع ابننا، لأنني لم أستطع الجلوس معه لأكثر من ساعة". وأضاف أنه عندما سأل ابنهما، الذي لم يتجاوز الرابعة من عمره، عن مكان والدته، أخبره لطفي أن أمل في المستشفى. وخلال زيارة إلى السجن، أقنعت أمل الطفل بأنها كانت تتلقى علاجاً طبياً للتعب وسوف تعود إليه في وقت قريب.
وقد احتُجزت المرأة البالغة من العمر (34) عاماً قبل المحاكمة حتى 30 كانون الأول/ ديسمبر من 2018، حين أطلق سراحها تحت المراقبة. كما أنها قد تلقت تأكيداً على الحكم الأول بعد ثلاثة أيام فقط من إطلاق سراحها.
لا تزال كلتا القضيتين تلوحان في أفق حياة العائلة اليومية، وسط مخاوف من إعادة اعتقال أمل في أي وقت. وعلى الرغم من أنها الآن خارج السجن، غير أن الغموض الذي يحيط بوضعها يعني أنها لا تزال قيد الإقامة الجبرية.
ومن المؤسف أن قضية أمل ليست فريدة من نوعها، إذ أنها واحدة من عدد كبير من السجناء البارزين الذين تم إطلاق سراحهم في ظل ما أطلقت عليه جماعات حقوق الإنسان "سجن مفتوح".
إطلاق سراح وهمي
حوالي 60 ألف شخص يقبعون خلف القضبان حالياً في مصر بتهم سياسية أو متعلقة بالسياسة، وفقاً لـ "هيومن رايتس ووتش"، على الرغم من أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والسلطات المصرية ينفي بشكل مستمر وجود سجناء سياسيين في البلاد. حتى أن الإفراج عن المعتقلين لا يعني دائماً الحرية، خاصة بالنسبة لأولئك الذين سجنوا في قضايا متعلقة بحرية الرأي.